تراودني أحيانًا عن نفسي أفكارٌ شتَّى تأكل من رأسي خبزًا و تحوم حواليَّ كغربانٍ تبحث عن سوءة قابيل الغجريَّة لكنّي أركض نحو الأبواب أنادي كلَّ الأصحاب : من أين سلكتم ؟ فأنا ما زلت هنا تصفعني دعوى الحريّة و تموت بصدري أشجانٌ كانت ترمقني مذ كنت صغيرا و تهزّ جذوعي كي أصبح في أعين أحبابي أجمَلَ من كلِّ الأحلامِ الورديَّة ! قالت – و تنفّس في شفتيها صبحٌ - : « الشعر : قارورة عطرٍ ليليَّة تتشظّى أفكارًا لا ترهب أنفاس الأغرابِ وهذا الغَسَقُ الممتدّ ضبابي فانقش تاريخك كي تبقى سطرًا محفورًا في كلّ كتابِ و تمتّع في الليلِ بسجن الحريَّة ! فأجبتُ : كم طيفٍ يتلاشى مذعورًا حين تحدّق فيه أمانيّ العشّاقِ و أنا ما زلت أفتّش ما بين الأوراقِ عن «حلمٍ» يشعلني حينًا من دهري كي أهرب من ضجّة أعماقي الوقتيّة ! قالت – والضوء يحدّق في عينيها - : هذا الليل الممتدّ أمامي نقطعهُ في غمضةِ عينٍ لكنّا نعجز أن نقطف منه عنقودًا من سور الأحلامِ !