الانتخابات البلدية هل هي مظهر للديموقراطية أم تكريس للبيروقراطية، فقد ثبت لدى المواطن أن المدن والقرى بشوارعها وحدائقها ومشاريعها المتعطلة أو التي تندرج تحت سوء التنفيذ، ثبت أن اعضاء المجالس البلدية مجرد مستشارين لدى سيد القرار ( الامين / رئيس البلدية ) وماعمل الاعضاء إلا التفرغ للدورات والبدلات والانتدابات والاجتماعات التي لايرجى منها نتائج في أن تنقل المدن والقرى من الاسوأ إلى السيئ، وليس من الحسن إلى الاحسن، ربما بسبب غياب الصلاحيات التي تمكّن المجالس البلدية من أداء دورها بفاعلية، إذ إنها لا تتمتع باستقلالية مالية أو إدارية. كما تغيب عنها صلاحيات تحديد ومراقبة موازنات المشاريع التي تحتاجها المدن. وأثبتت تجربة السنوات الست الماضية، غياب أي دور فاعل لهذه المجالس، حتى في القضايا الصغيرة المتعلقة بالعمل البلدي، ما جعلها عديمة الأثر في حياة المواطنين، وكذلك انتخاب نصف المجلس وتعيين نصفه الآخر، وفي هذا إضعاف لقيمة العملية الانتخابية وأثرها، إذ أن مهام وصلاحيات المجالس البلدية حسب اللوائح والانظمة الخاصة بها ،تدرس وتقترح وتبدي مرئياتها حيال اعمال البلديات والامانات فقط ولايحق لها مساءلة المقصر ولا البحث عن الخلل والقصور في الاداء ولا مراقبة الفساد الاداري والمالي، إن المجلس البلدي بحسب مكوناته لا يقرر ولا يلزم ولا يحجب الثقة ولا يمارس صلاحيات رقابية حقيقية، ينتج عنها قرارات حاسمة على أرض الواقع، فهو أشبه بالمجلس الإستشاري وليس له أي دور تشريعي بلدي. وماالاعضاء في المجالس البلدية سوى اعضاء مغلولي اليد، لا صلاحيات لديهم ولا لمجلسهم البلدي سوى الاجتماع والاقتراح , بل حتى اخذ الرأي الاستشاري للمجلس البلدي يتم بأسلوب بيروقراطي رتابي طويل الاجراء . فالناتج الخدماتي لأعمال ومشروعات الامانات والبلديات يبرهن أن وجود المجالس البلدية صار عقبات كأداء امام سرعة الانجاز والرقابة المالية والادارية والانتاجية على المشاريع وخدمات المواطن، فقد طالت وتعقدت اكثر الاجراءات الادارية والاشتراطات الفنية في طلبات توفير الخدمة، واصبح التأخير صفة لازمة مع سوء الخدمة إن لم يكن عدم الحصول عليها اصلاً، وصار المراجع للبلديات والامانات، يتمنى ألا يوجد مجلس بلدي حتى لايصبح مشجباً يُعلق عليه اسباب الروتين الممل اليومي في انجاز الخدمات , لذلك نلاحظ أن كثيراً من امناء المدن ورؤساء البلديات يثنون على نتائج ومخرجات اداء المجالس البلدية، لأنها اصبحت المنقذ من النقد والمحاسبة، فكل تقصير يرمى به اعضاء المجلس، بل ان معظم اعضاء المجالس البلدية المنتخبين اعلنوا عن عدم رغبتهم في اعادة ترشيح انفسهم، حيث ان توصياتهم خلال فترة عملهم لم تنفذ ووجهوا بتعنت وتجاهل من قبل البلديات والمسؤولين عن التنفيذ، الذين لا يعتقدون ان من حق اعضاء المجلس البلدي فرض ارادتهم على موظفي الحكومة. وهكذا اصبحت قشور الديموقراطية لباب البيروقراطية وجوهرها، فالعنوان صناديق اقتراع وانتخاب وترشيح وتصويت، وزيادة في الكم العددي للمجالس البلدية واعضائها , يقابل ذلك تهميش رأي المواطن بل اعتباره – بعد الادلاء بصوته واختيار مرشحه - كماً مهملاً، لايحق له التدخل في اعمال وخدمات البلديات والامانات، أنه مجرد مواطن عليه أن يشرب من بحر البيروقراطية، حتى يكره كل مظاهر الديموقراطية، ولو كانت حبراً على ورق .