مشاريع الإسكان التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين في جميع مناطق الوطن الغالي وأنشأ لها وزارة مستقلة هي فكرة جميلة ورائعة ومن الممكن أن تعالج أزمة السكن التي تلقي بظلالها منذ سنوات لينعم كل مواطن ومواطنة بسكن مريح وفي نفس الوقت يمتلكه لا ينازعه فيه أحد , حيث أن عددا من المبرات والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال قد قاموا بانشاء وحدات سكنية في عدد من مناطق الوطن وتم توزيعها لكنها لم تف بالغرض الذي أنشئت من أجله لسبب هام جدا قد يخفى على الكثيرين ممن يقومون بهذه الأعمال الجبارة , بل إنها لا تلفت نظرهم ولا يأخذونها بالحسبان , ألا وهي تمييز هذه الوحدات من خلال الشكل واللون بل واستقلالها عن المساكن الأخرى في المدينة والمحافظة والقرية والهجرة حتى يشار إليها بأن هذا مشروع الإسكان الخيري فيحصل من خلال هذا التمييز سلبيات عدة أبرزها عدم اختلاطهم مع المجتمع فينشأ فيها مجتمع مستقل في طباعه وعاداته وتقاليده , بل إن وضعه لوحده قد يفرز مجتمعا عدوانيا تنتشر فيه العديد من العادات السيئة والمؤثرة على المجتمع في النواحي الاجتماعية والأمنية وذلك بسبب عدم اختلاطه مع المجتمع في بوتقة واحدة , بل إن تمييز هذا الإسكان بشكل أو لون أو موقع قد يجعل ذلك منقصة في حق ساكنيه حينما يشار اليه أن هذا هو الإسكان الخيري الفلاني , أو أن هؤلاء هم من يسكنون في الإسكان الخيري الذي أقامه التاجر الفلاني أو الجمعية الخيرية الفلانية مما يكسب أبناء تلك الفئة عدوانية مؤثرة قد تؤدي إلى رغبة الانتقام من المجتمع خصوصا إذا كانت لأبناء وبنات تلك الفئة مدارسهم الخاصة بل ومستشفياتهم وأماكن التسوق , بل وحتى المساجد ودور العبادة فينشأ جيل يحس بأنه ناقص بسبب تمييزه عن المجتمع المجاور له في المدينة والقرية , وهذا من خلال عدد من الإسكانات التي تم توزيعها مما يجعل بعضهم قد يضطر إلى الخروج منه ومغادرته حتى لو عاش عالة على المجتمع بدفع ايجار منزله الذي يسكنه وأولاده , والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة . ومن هنا فإني أود أن أهمس في أذن معالي وزير الإسكان وهو الأكاديمي المتمرس أن يأخذ تلك الملحوظات بالحسبان خصوصا وأن علاج هذا الأمر يسير جدا ويتمثل في اختيار مواقع الإسكان الجديدة في المدن والمحافظات والقرى والهجر في مواقع داخلية وفي وسط الأحياء بحيث يتم اختيار عدة مواقع مختلطة ومندمجة مع المجتمع ليس لها استقلالية أو تمييز بموقع أو شكل أو لون بحيث يعلم القادم لهذا التجمع بأنه اسكان خيري أو حكومي مما يجعل ذلك فرصة لاختلاطهم مع المجتمع في المساجد والمدارس والمستشفيات وأماكن التسوق بحيث لا يفرق أي زائر لهم بينهم وبين المجتمع المحيط بهم , علما بأن ذلك من الممكن أن يستفاد فيه من المختصين من أساتذة علم النفس والاجتماع لتقديم المشورة في هذا الجانب ومن أجل أن تتحقق الفائدة التي من أجلها أنشئت تلك الإسكانات وهو القضاء على أزمة السكن دون التفريق بينهم وبين المجتمع المجاور , كما أن هذا المجتمع بخلطه مع المجتمع المجاور تنتفي منه صفة التمييز التي قد تؤثر في نفسيات وسلوك أبنائه , بل ويستطيعون العيش مع المجتمع بأمن وسلام دون التفريق بينهم , ومن هنا أرجو مرة أخرى من معالي وزير الإسكان أن يأخذ بهذا المقترح لتتحقق الفائدة التي من أجلها وجه خادم الحرمين الشريفين بإنشائه . أسعد الله أوقاتكم..