ماذا أقول في هذا الحدث وفي قامة كقامة الراحل محمد صادق دياب.. أنا موجوع حتى العظم.. كل الناس موجوعون برحيله.. لكن هذه أقدارنا.. علاقتي به قديمة.. آخر اتصال بيني وبينه كان قبل 10 أيام وهو في لندن يتعالج.. كنت أسأل عن صحته لأطمئن، وكان هو يسأل عن ابني (خالد) الذي يعاني هو أيضًا من مرض، فهذا هو محمد صادق دياب.. إنسان بمعنى الكلمة.. قال لي في اتصالي معه: ماذا تريد من لندن.. قلت له أريدك ألا تموت.. ضحك وقال: كيف.. دبّر لي طريقة!.. حقيقة الجميع موجوعون برحيله.. أنا أشعر أنه فجأة غاب.. ولكنها أقدار الله.. في مشوارنا سويًا مواقف كثيرة.. كنت اختلف معه ب “مرجلة”.. وأتفق معه أيضًا ب “مرجلة”.. فأمثاله رسّخوا أجمل القيم.. رسّخوا مفهوم الحارة وجمالها وقيمها.. وفي صنعاء وفي ملتقى أدبي كنا سويًا وجاء لي أحد الصحافيين السعوديين الشباب وسألني: ما سبب خلافك مع “أبو غنوة”.. قلت له: خلافنا ندفنه في صدورنا! والحقيقة أن الساحة في الآونة الأخيرة بدأت تفقد الكثير من الكبار من أمثال: غازي القصيبي ومحمد عبده يماني والآن محمد صادق دياب.. وأرجو من الله أن يعوضنا خيرًا في الكبار الباقين.. وأكشف لكم من خلال جريدة “المدينة” اتفاقًا تم بيني وبين الراحل محمد صادق دياب والأخ القاص فهد الخليوي.. فقد اتفقنا ثلاثتنا أن نُصدر كتابًا قصصيًا.. كل واحد فينا يكتب 50 قصة قصيرة ونضعها في الكتاب الذي هو عبارة عن مجموعة قصصية.. وبالفعل.. أرسل لي محمد قصصه وهو في لندن.. وأرسل الخليوي قصصه.. وبقيت أنا.. وعندما سألني محمد أين قصصي قلت له لن أجعلكما ترونها إلا بعد النشر حتى لا تأخذوا منها!.. هكذا كانت علاقتنا.. أخوة وصداقة ومداعبة وحب.. وبإذن الله سوف أصدر هذه المجموعة القصصية قريبًا.. وفاء مني لمحمد صادق دياب ومن أجل “غنوة” وأخواتها.. وما أتمناه الآن ألا يتفضّل أحد باهدائه وسامًا.. فقد كان الأجدر أن يناله وهو حي.. فإلى متى سنظل نكرّم الكبار بعد رحيلهم.. وأين هذا التكريم وهم أحياء.. ومحمد صادق دياب ليس آخر الكبار.. إنه واحد منهم. حقيقة أنا موجوع.. كلمت الرائع عبدالمحسن الحليت.. وهو رجل من زمن الصبر.. لم يكن في ذاكرته أن يغادر محمد.. رغم أننا في زمن مغادرة الكبار.. وأنا حتى الآن لا أتصور غيابه.. أرجو الله أن يعوضنا خيرًا.. يرحمه الله.