تتعرض الهيئة العامة للاستثمار منذ فترة لانتقادات من رجال أعمال سعوديين، ومن خبراء اقتصاد، ومن باحثين وإعلاميين، الأمر الذي وضع هذه الهيئة موضع القصور. وتعددت الآراء السلبية بشأن الهيئة، حيث قال بعضهم إنها لا تميز ما بين الشركات ذات الكثافة المالية والشركات ذات الكثافة العمالية. وقال البعض الآخر إن الهيئة تعمل بشكل سري، ولا تكشف عن حقيقة الأرقام التي تمتلكها. وقال آخرون إن الهيئة تميز في المعاملة ما بين المستثمر الأجنبي الذي تقدم له كل التسهيلات، فيما تضع أمام المستثمر السعودي كل العراقيل. وطبعًا كل هذه الآراء لا تهدف إلى الإساءة إلى الهيئة، أو التقليل من أهدافها وغاياتها، إنما الانتقادات تصب في خانة مَن يريد أن تكون الهيئة معافاة وناجحة وقادرة على مواكبة التطورات الاقتصادية التي تعيشها المملكة. وهنا نعترف مع المنتقدين أن من الممكن أن تكون الهيئة لم تلبِّ كل ما يُطلب منها، أو أنها لا تستوعب كل ما يصلها من طلبات، ولكن السبب هو أنها هيئة جديدة حديثة التكوين، وذات خبرات مستمدة من سنوات قليلة من العمل. والهيئة ليست تابعة لأشخاص يتحكمون بها وفق مزاجيتهم، بل تُقاد بموجب قوانين وأنظمة تملي عليها تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار. وتعمل الهيئة هنا على أكثر من جبهة، إذ عليها أن تروّج للقطاعات الموجودة أصلاً، كما الترويج للمشاريع المستحدثة والتي يأتي على رأسها المدن الصناعية الخمس، التي ستبلغ كلفة إنشائها نحو 100 مليار دولار. ويكفينا فخرًا أن الهيئة قد باشرت مهمة التعريف بمجالات الاستثمار المتاحة في هذه المدن، وبشكل مبكر سواء أمام المستثمر الأجنبي، أو المستثمر الوطني. ورأيي أننا بدلاً من أن نكتفي بتوجيه الانتقادات، فلنلجأ إلى طرح أفكار تطويرية تساعد المسؤول على تحسين أداء عمله داخل هذه الهيئة، وتزوده بمعلومات قد تكون غائبة عن باله، أو لنُشر بأصبعنا إلى موضع الخلل، ونقدم إزاءه فكرة إصلاحية تكون كفيلة بمعالجة السلبيات، ورفع منسوب الإيجابيات. فالمسألة ليست مرتبطة فقط بالمسؤول، بل مرتبطة بمؤسسة وطنية علينا جميعًا السهر على تطويرها، وتحديثها لتصل إلى مستوى الطموحات المرجوة. وهيئة الاستثمار حالة من ضمن حالات كثيرة، يجب أن تعنينا كسعوديين لنحقق المزيد من الازدهار والتقدم لبلادنا، التي حباها الله بقادة لا همّ لهم سوى السهر على الرقي بالوطن والمواطن بكل سخاء. [email protected]