نحو مجتمع المعرفة * بداية كيف تقرأ إقرار خادم الحرمين الشريفين إقامة هذه المؤتمرات العلمية بشكل سنوي، بالإضافة إلى تطلعاته بأن تكون المملكة “مجتمعًا معرفيًا”؟ ** لا شك أن هذا دعم كبير ويمثل محور اهتمام القيادة بالطلاب والطالبات وتوفير فرص التعليم والبحث العلمي، فهذا الدعم سيساهم بإذن الله في إيجاد البيئات وتسهيل السبل ويساهم في إنتاج العمل، ولكن يبقى هذا الدعم أيضًا مسؤولية كبيرة، فعلى الطلاب والطالبات استثمار ذلك وتوظيف تلك الإمكانات بالشكل الصحيح. أما بالنسبة لتطلعات خادم الحرمين نحو مجتمع معرفي فلا أخفيكم أن هذا يعتبر المحرك الأساسي لوزارة التعليم العالي منذ نحو عامين، فهذا يضعنا أمام تحدٍ كبير بأن يكون التعليم ركيزة أساسية في هذا الانتقال، فالدعم اللامحدود الذي نراه من القيادة يدعم هذا التوجه من خلال فتح الجامعات والكليات ودعم الأبحاث العلمية وتوسيع فرص الابتعاث والتعليم، ولا أخفيكم أن الوزارة تدرس استكمال الإجراءات النظامية للجامعات الإلكترونية في الفترة المقبلة. معايير علمية * ما الآلية التي قدمتها الوزارة لريادة الأعمال والابتكارات في المؤتمر العلمي؟ ** ريادة الأعمال والابتكارات تمثل جزءًا أساسيًا من الفعاليات التي صاحبت المؤتمر، بجانب البحوث العلمية والمشاركات الفنية والأفلام الوثائقية، وهذا يمثل جزءًا هامًا، فهي تعتبر مرحلة لاحقة للبحث العلمي، وتعني استطاعة الإنسان إخراج الفكرة من الأوراق إلى حيز الوجود والتي من الممكن أن تصبح مستقبلًا من الشركات الهامة في هذا المجال، فالهدف من المؤتمر كان إيجاد بنية تحتية مساعدة للطلاب والطالبات من خلال التعارف العلمي الحادث بينهم، وإصدار الملاحظات العلمية وتسويق المنتج والابتكارات التي قدموها وتم عرضها، فرجال الأعمال ستكون الفرصة مهيأة لهم لتبني الابتكارات لتصبح في مراحل متقدمة فيما بعد، ولا أخفيكم أن الابتكارات وريادة الأعمال لا تزال في مهدها الأول بالمملكة، فهناك أفكار جيدة وتحتاج مزيدًا من التطوير حتى تصبح بالفعل ريادة أعمال، فالوزارة والجامعات تعمل على إيجاد محاضن وبيئات تساعد الطالب والطالبة على تطوير الفكرة لديهم لتسهيل عملية التقييم لها فيما بعد. 14 مركزًا للتميز البحثي * وماذا عن البحث العلمي هل له معايير علمية أيضا قدمتها الوزارة؟ ** في الواقع يمثل البحث العلمي وظيفة أساسية من وظائف الجامعات، فدراسات البحث العلمي بالمملكة تتولاها رسميًا مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ولكن يأتي دور وزارة التعليم العالي هنا مكملًا للجامعات وتقوم بدعمها بالعملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع، فالوزارة طرحت عدة مبادرات وقامت بدعم 14 مركزًا للتميز البحثي بالجامعات، حصلت من خلالها على 8 براءات اختراع، وقامت بنشر نحو 61 مجلة علمية محكمة ومميزة، فالمجالات التي تتناولها تلك المراكز البحثية تعتبر مشروعات بحثية هامة وتمثل الخطة الاستراتيجية للمملكة. كما أن الوزارة لم تغفل الجامعات الناشئة فقامت بدعمها ب 8 مراكز تميز قبل شهرين في ما يخص مجالات: الطاقة، تحلية المياه، الصناعة والبتر وكيماويات، أمن المعلومات، وغيرها، كما تم دعمها أيضًا بمبادرة بإنشاء مراكز واعدة بها تعتبر مرحلة أولية لمراكز التميز البحثية، وذلك لدعم البنية التحتية لتلك الجامعات علميًا، ومن ضمنها تطوير براءات الاختراع والابتكارات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تبني الموهوبين وإخراج الكثير من الطاقات لديهم، فالبحث العلمي قد يتحول إلى ابتكار ثم إلى ريادة أعمال، ويستطيع المبتكر بعدها تسويق فكرته والحصول على براءة اختراع، ولا أخفيكم أن الوزارة حينما أدرجت هذا القسم كانت تريد أن تمهد الطريق للطلاب والطالبات في أن يصبح البحث العلمي جزءًا أساسيًا من شخصيتهم التعليمية والعلمية ونشر تلك الأبحاث، وليس الهدف كما يتصور البعض عمل بحوث علمية فقط، بل نريد نشر ثقافة البحث العلمي بين الطلاب والطالبات، فنحن نعمل حاليًا على أن تصبح البحوث العلمية هوية وشخصية للطالب والطالبة ونساهم في ترسيخ مفاهيمها، أكثر من كونها درجة علمية يحصلون عليها. التفاعل الطلابي * هل لامستم تفاعلًا من الطلاب والطالبات في المؤتمر وخصوصًا المبتكرين منهم؟ ** المؤتمر بشكل عام أصبح بفضل الله ظاهرة علمية تبشر بالخير، فما رأيناه من الإقبال الكبير على المؤتمر ونوعية النقاشات التي دارت به وما تم تقديمه من أبحاث علمية، وكذلك الحماس الذي دار لمعرفة أهمية البحث العلمي وأدبياته ومنهجياته والتنافس في تقديم بحوث جيدة يؤكد ذلك، فالمؤتمر خرج بنتائج تعتبر هي الأفضل بالنسبة لما تحقق في المؤتمر الأول. حاضنات التقنية ومراكز الموهوبين * ما الفرق بين حاضنات التقنية ومراكز الموهوبين بالجامعات، وهل تتشابه أدوارهما؟ ** في الواقع جزء منها مشابه لهذا الأمر، ولا يوجد بينهما تضارب في الأدوار، فحاضنات التقنية تعمل على مستوى أعلى من ذلك، ب حيث تكون تلك الابتكارات ريادة الأعمال بالفعل، وتصبح مكان حيز الوجود لدى المبتكر، بينما مراكز رعاية الموهوبين تعمل على إنماء الفكرة لكي تستطيع بعد ذلك تسهيل أمر براءة الاختراع والتي تحتضنها الجامعات خلال فترة زمنية تتراوح بين 2 و3 سنوات، فرعاية الموهوبين بالجامعات مرحلة أولية تسبق حاضنات التقنية التي تزيد من مفهوم هذه الفكرة إلى أن تصبح بالفعل نواة شركة، فالفكرة هنا ليست تسويقية فقط بل تدعم الأمور القانونية أيضًا والإدارية. الجامعات ليست بمستوى واحد * هناك من ينتقد الجامعات كثيرًا في عدم تأهيلها ورعايتها للموهوبين بالمملكة، كيف ترى ذلك؟ ** بلا شك الجامعات ليست جميعها بمستوى واحد، فهناك جامعات قطعت شوطًا كبيرًا في رعاية الموهوبين مثل: (الملك سعود، الملك فهد للبترول والمعادن، والملك عبدالعزيز)، وذلك بحكم ما اكتسبته من خبرات طويلة في هذا المجال. أما بالنسبة للجامعات الناشئة فهي بحاجة إلى بنية تحتية علمية قبل كل شيء، ولكن هذا ليس حكمًا قاطعًا عليها، فهناك طلاب وطالبات من جامعات ناشئة برزوا مؤخرًا ويعتبرون أفضل من غيرهم بالجامعات القديمة، وأتوقع أن الجامعات الناشئة في بيئاتها ستكون أفضل من القديمة خلال السنوات الثلاث المقبلة، خصوصًا إذا أخذنا بعين الاعتبار إنشاء المدن الجامعية بتلك المناطق، فالوزارة تحرص دائمًا خلال المؤتمرات العلمية على مشاركة جميع الجامعات للاحتكاك العلمي والتدريب واكتساب الخبرة والثقافة وهذه هي الطريقة المثلى للنهوض بالمستوى التعليمي المطلوب. مؤتمر للمبتكرين والمخترعين * لماذا لا يتم دعم التخصصات العلمية بالجامعات، حيث يرى الجميع أنها الخطوة الأولى لدعم المبتكرين؟ ** الوزارة تدعم وتساند جميع الجامعات بعدة أدوار مختلفة منها: (البحثية، التعليمية، والمجتمع)، ولكن لا بد أن نعرف أن هناك وظائف أساسية تقوم بها الجامعات كتبني المبتكرين والموهوبين وريادات الأعمال، فالوزارة حقيقة تدعم ذلك المضمار دعمًا ليس مستقلًا عن الجامعات كفكرة المؤتمرات العلمية، وأوضح لكم أن للوزارة توجهًا مستقبليًا بأن يكون هناك مؤتمر علمي خاص بالمبتكرين والمخترعين وسيكون أفضل من المؤتمرات السابقة بإذن الله، وسيسعى لتنافس طلابي على مستوى الوطن، كذلك هناك عدة أفكار جارٍ رسم ملامحها بالوزارة حول إنشاء معرض علمي للمبتكرين والمخترعين، ويتم من خلاله دعوة رجال الأعمال دعما للابتكار وتسويقه، ولكن نتمنى أن تكون تلك الأفكار بوابة صحيحة ومهنية تستطيع مساعدة الطلاب على الإبداع والتميز وجذب رجال الأعمال، ونحن لا نريد أن نزج الطلاب والطالبات في مبتكرات قد يصطدمون في عدم قبول رجال الأعمال لها، فدورنا مساعد لهم هنا، وعليهم أن يرفعوا من تلك المبتكرات حتى تصل بإذن الله إلى درجة الإبهار. براءة الاختراع * لماذا لا يتم منح الطلاب والطالبات الموهوبين براءة الاختراع بشكل مباشر دون الاحتكام لآليات مراكز الموهوبين ومؤسسة موهبة للإبداع؟ ** الطالب يتبع للجامعة، وهي لديها آليات وأدوار لمساعدة المبتكرين من خلال تسجيل اختراعاتهم، كما أن هناك عددًا من الجامعات المحلية لديها نظام محدد في براءة الاختراع، من خلال التقسيم المالي والتكاليف التي حصل عليها الابتكار، وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس. انتقادات وتبريرات * خرج العديد من الطلاب المبتكرين مؤخرًا في عدة مؤتمرات علمية بانتقاد وزارة التعليم العالي في كونها غائبة عن دعمهم وتشجيعهم؟ ** لا أخفيكم أننا نسمع عن هذه الأحاديث كثيرًا، ونحن في الوزارة كذلك الجامعات لم نسمع عن وجود مبتكر لم يتم دعمه، ولكن هناك بعض الفئات من الطلاب يقوم بعمل ابتكار ويرى من خلاله أن ذلك العمل لا يقبل لإبداء أية ملاحظات عليه، ولكنه في نهاية المطاف يصطدم بأن ابتكاره لم يرتق إلى المستوى المطلوب. وأحب أن أؤكد هنا أنه إذا وجد أي مبتكر لم يتم دعمه، فأنا شخصيًا مستعد لدعمه أي ومساندته مع جامعته لتهيئة البيئة المناسبة للابتكار. هذه حقيقة الزحام * شهد المؤتمر العلمي الثاني في يومه الأول ازدحاما كثيفا، أرجعه البعض إلى فشل اللجنة المنظمة، كيف ترى ذلك؟ ** هذا ليس صحيحًا، فالمؤتمر لم يفشل من ناحية التنظيم، بل حقق نتائج إيجابية وكثيرة، فالإعداد له بدأ منذ نحو 14 شهرًا، ولكن دعني أوضح لكم ماذا حدث، نحن واجهنا إقبالًا هائلًا ومفاجئًا من قبل المسجلين قبل يومين من بدء فعاليات المؤتمر بلغ 8 آلاف طالب وطالبة، ليصبح العدد الإجمالي 16 ألفًا، فلا شك أن هذا أعطانا ترتيبات مختلفة فوضعنا خططا سريعة وبديلة، حيث قمنا ببث تلفزيوني مباشر لفعاليات المؤتمر وجميع المحاور والجلسات العلمية من خلال وضع 9 كاميرات، إضافة إلى تحديث رابط المؤتمر بموقع الوزارة لتسهيل عملية المتابعة. كما قمنا بترتيب بعض القاعات بحكم أن عدد الفتيات والنساء المسجلات (11 ألفا) كان أكثر من الرجال (5 آلاف)، كذلك قمنا بعمل صالات إضافية استطاعت بفضل الله استيعاب الأعداد واحتواء الموقف، فبفضل الله لم تؤثر تلك الحالات على الجلسات العلمية للمؤتمر، ولكن أحب أن أشير هنا إلى وجود إشاعات أطلقها البعض لا ندري مصدرها، حيث أطلق البعض شائعة عن منح 40 درجة علمية للطلاب الذين يحضرون، بالإضافة إلى رفع معدلهم الجامعي، فهذه الإشاعات تسببت في وجود بعض الأشخاص الذين لا فائدة لهم في وجودهم، كونهم لم يأتوا للاستفادة من الأبحاث العلمية والابتكارات، مما انعكس سلبًا على المؤتمر وظهور مشاهد الازدحام. ولكن أحب أن أشير هنا إلى أن مظاهر الازدحام التي شوهدت في المؤتمر نعتبرها بالوزارة مؤشر خير، نظرًا لظهور جيل متفاعل مع الأبحاث العلمية والابتكارات، كذلك ستعطينا فرصة حقيقة للمسؤولية بشكل أكبر لوضع حلول أفضل من تلك، وأحب أن أقولها لكم بصراحة نحن خضنا تحديا كبيرا في هذا المؤتمر، ونعدكم بإذن الله بأن القادم سيكون أفضل وأجمل، فكان من السهولة أن نقوم بإغلاق أبواب المؤتمر أمام بعض الطلاب المسجلين نتيجة للازدحام، ولكننا نريد أن نوفر للطلاب فرصا للتعليم وتحقيق الفائدة من وجود المؤتمر العلمي مع الاهتمام بجانب السلامة والأمن. لم نمنع أحدًا * قال عدد من الطلاب والطالبات إنه تم منعهم من حضور بعض الجلسات العلمية رغم تسجليهم للمؤتمر، ما صحة ذلك؟ ** أؤكد لكم أنه لم تهمل أي مشاركة بحثية قدمت للمؤتمر، ولم يمنع أي طالب أو طالبة من حضور الجلسات العلمية، ولكن كان يأتي بعض الطلاب في وقت متأخر بعد أن تكتفي القاعات ويريد الدخول فهذا ليس معقولا، كذلك تم استبدال أوقات جلسات الأبحاث العلمية ضمن برنامج المؤتمر نظرًا للازدحام الذي حدث. خطط بديلة وترتيبات * إذا هل هناك خطوات قادمة ستعملون عليها في المؤتمر العلمي المقبل؟ ** نعم، فنحن نفكر في تقسيم المؤتمر إلى ثلاثة مؤتمرات علمية بحيث يصبح مؤتمرا أساسيا يتناول موضوعات مختلفة، كما نفكر في إقامة عدة مؤتمرات لاستيعاب أعداد المسجلين، وأحب أن أشير هنا إلى نقطة هامة وهي أن أي عمل لا يوجد به نواقص لا يعتبر عملا إيجابيا، أي أنه لا يخرج في تقييمه عن شيئين إما أنه لم يتحرك من مكانه ولم يتغير الوضع، أو أنه غير قابل للتطوير.