هاتفني صديقي بصوت متهدج ومبحوح قائلاً: إن ما يحدث في العالم العربي في هذه الأيام وتبثه بعض القنوات على الهواء مباشرة شىء غريب ويدعو إلى الحزن والألم لما نراه من مناظر مؤلمة من قتل ودماء أبرياء تقشعر لها الأبدان..! تلتها قرارات دولية وتدخل أممي بسبب التعنت وذهول العقل وما يلي ذلك في علم الغيب؟! وأضاف: مشكلتي أن هذه المشاهد التلفزيونية أثرت على نفسية وسلوك وتصرفات الأولاد في البيت خصوصاً زوجتي المصون فصارت حمقاء تتفنن في المشاكل و(المشاكسة والنكاف والدفاشة والغلاظة والتطاول)..! مماجعلني أتشاجر معها.. فأقسَمت بأنها سترسل من يراقبني ويلاحقني شارع شارع.. وزنقه زنقه.. وبيت بيت.. ودار دار.. وشبر شبر.. واستراحه استراحه، لتتابع تحركاتي، وهتفت بعصبية متناهية وبصوت عالٍ أريد إسقاط الزوج.. لا رجوع.. إلى الأمام.. إلى الأمام..! قلت لها بهدوء تام ولكن يا أم الأولاد قد هَرمْنا.. هَرمْنا.. على فعل ذلك..! ولكن يظهر أن حالتها النفسية تدهورت.! وهداني تفكيري أن أذهب لمعرض الكتاب الدولي لعل وعسى أن أجد كتاباً يكون فيه حل لمشكلتها النفسية..! فوجدت المعرض يغوص كالعادة بالهرج والمرج والمشاكل مع بعض من يُسمون المحتسبين..! وبسرعة اشتريت كتاباً واحداً فقط بسبب الغلاء وهربت..! وكان عنوانه الرومانسية وسحرها..! فعندما ثارت أعصابها اقتربت منها وباللمسة السحرية داعبتها وقبل أن أتفوه بأية كلمة عاطفية التفتت ناحيتي وكشَّرتْ عن أنيابها ورمقتني بنظرة حادة بعينيها الحمراوين البارزتين ورفعت حواجبها حتى أصبحت مع ألوان (الظل) تشبه قوس قزح..! وأمسكت بيدي وأبعدتها بالقوة عنها وقالت: يا سلام..! إيش هادى (الخُزعْبلاَتْ) إللِّي بتسويها إتعلمتها ياخويا من فين..؟ لا تكون (شوفت لك شوفه..) وهمَست بيني وبين نفسي بدعوات تخفف الشر، ولكن أصرَّتْ بأن لن يهدأ لها بال إلاَّ إذا عرفت من أين تعلمت هذه الرقة؟ فتذكرت الكتاب وأحضرته لها فسحبته من يدي بالقوه وبدأت تقلب صفحاته وتقرؤها وهي مقلوبة فعدلته لها؟ وأنا مُبحلق بعيني ناحيتها وأرجلي كادت أن تخونني من ألم الركب بسبب زيادة وزني، وانتظرت النتيجة كما ينتظر المشتاق مولودته! وفجأة انحنت زوجتي أمامي كما تفعل المرأة اليابانية أمام زوجها ففرحت وقلت يا فرج الله تعدلت الأمور وأصبحت زوجتي تحترمني..! ثم رفعت رأسها ونظرت نحوي وعلى سحنة وجهها آلاف الطبقات من التجاعيد من كثرة وضع كريمات مبيض الوجه..! وقالت بعصبية متناهية (هادا) كلام فاضي بلا تعامل رومانسي بلا خرافات.. أريد إسقاط الزوج.. وألقت بالكتاب جانباً وأعطتني ظهرها وذهبت تناظر المرآة المعلقة على الجدار..! ألم أقل لك يا صديقي بأن شيئاً ما حصل في عقلها نتاج مشاهدة التلفزيون..؟ قلت له حوالينا ولا علينا..! [email protected]