اعترف رئيس لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون بالباحة، بأن خشبة المسرح السعودي عامة تحتاج لمزيد من العناية، مطالبًا بلقاء تنظمه وزارة الثقافة ممثلة في جمعية الثقافة والفنون. ورأى محمد ربيع أن المسرح السعودي لن ينهض إلاّ عبر خطة شاملة يصنعها الميدانيون، وقال: إنه يُحسب لمسرحنا المحلي قدرته على التنفس رغم ظروف اليتم التي يعاني منها. ربيع تحدث ل “الأربعاء” عن الكثير المتعلقة بالمسرح بصفة عامة وبلجنة المسرح في جمعية الفنون بالباحة بصفة خاصة. * كيف تقيّم وضع المسرح في منطقة الباحة من وجهة نظرك؟ - اعتبره وضعًا واعدًا، حقق الكثير ويعد بالمزيد، مسرح يستلهم تاريخه ويبني عليه، قبل قيام جمعية الثقافة والفنون بالباحة كان هناك مسرح نادي السراة الذي أستلهم منجزات المسرح المدرسي التي سبقته، فصنع نادي السراة آنذاك عصره الذهبي بين عامي 1400ه و 1412ه بمسرحيات تجاوزت عصرها: (عرسان فوق الثمانين، وشهادات على الريق، واللطمة، وإنكسارات الشنفري وسواها)، ثم قامت جمعية الثقافة والفنون بالباحة فاستلهمت ذلك الرصيد بل وتجاوزته بمراحل، فقدمت: “المليونير، والسواد الأعظم”، ثم خرجت خارج الباحة بمسرحية “الوصية”، ثم خارج المملكة بمسرحية “أسنة الثلج”، وسواها من المسرحيات التي كان أحدثها “مونودراما مرزوق” ومسرحية “قضية جمل” اللتان قُدمتا ضمن الجهد المسرحي للعام 1431ه. * وما هي نظرتك المستقبلية لتجاوز الراهن المسرحي؟ - دعنا نتفق أولًا على توصيف الراهن المسرحي الذي ينبغي تجاوزه، هناك لجنة للمسرح، هناك موهوبون في الكتابة وفي الإخراج وفي التمثيل، هناك ميزانيات يمكن توظيفها في خدمة المسرح بكفاءة جيدة، هناك بيئة تدفع بالمزيد من الموهوبين، هناك جمهور يتعطش لأي حركة على خشبة المسرح، هناك مرافق يعنيها وجود فعل مسرحي، هناك مسرحيات يتم تنفيذها بكفاءة عالية، وهناك إدارة للجمعية تحترف صناعة الرجال، ولكن -مع ذلك كله- هناك صلة باهتة تربط بين جمهورنا في الباحة وبين مسرحنا، هذه الصلة الباهتة هي ما ينبغي علينا أن نتجاوزه، وهذه الحالة هي -منذ تشكيل اللجنة الحالية- موضع بحث مستمر بيننا وبين محبي المسرح في المنطقة، وبيننا وبين مدير الجمعية الذي يعتقد أن عرضًا تنتجه الجمعية ولا يراه جمهور الباحة يظل عرضًا ناقصًا مهما كانت مزاياه ومهما كانت نجاحاته الخارجية، وقد أصبحنا الآن في وضع نستطيع معه إدراك تلك المعضلة جيدًا، لذلك عمدنا لتشكيل لجنة موسعة للمسرح تضم الأعضاء الرسميين في لجنة المسرح بالجمعية وأعضاء من المهتمين بالمسرح، ووصلت اللجنة إلى وضع خطوات من شأنها الانتقال بالمسرح إلى الجماهير في كل محافظات المنطقة، وستكون هناك العروض المصممة لجمهورنا المحلي إلى جانب عروض المشاركات الخارجية التي سيراها جمهورنا المحلي قبل غيره. * هل تعتقد أن ضعف ثقافة المسرح وندرة الممارسين له محليًا تلقي بظلالها السالبة على مستوى (مسرح الجمعية)” - المسرح في الجمعية وخارجها، في الباحة وفي غيرها، هو “عود من حزمة” كما يقول تعبيرنا المحلي، وكل أمر يلقي بظلاله السالبة على مسرح جمعية الباحة هو ذاته الذي يلقي بظلاله على مسارح المناطق الأخرى، فلابد من الاعتراف بأن خشبة المسرح السعودي عامة تحتاج لمزيد من العناية، ثم علينا أن نؤمن بقدرتنا في جمعيات الثقافة والفنون على اقتراح وتقديم تلك العناية المطلوبة، ولتكن خطواتنا الأولى عبر لقاء تنظم له وزارة الثقافة ممثلة في جمعية الثقافة والفنون يضم مقرري لجان المسرح في الجمعيات أو من تراه الوزارة لذلك، فلقاء على ذلك المستوى ستكون له نتائج أتوقعها إيجابية، ولن ينهض بالمسرح السعودي إلاّ بخطة شاملة يصنعها الميدانيون تنعكس آثارها بعدئذ على الناتج المسرحي. * يدور حديث عن التغييرات الكثيرة في لجنة المسرح سببها الرئيسي هو نقص كفاءة المكلفين السابقين وضعف رؤيتهم المسرحية، هل ترى أن هذا الأمر صحيحًا، وإن كان غير صحيح فلماذا هذا التغيير المستمر وإلى ماذا تعزوه؟ - لا لا لا.. كفاءة المكلفين السابقين لا يطالها النقص، وكل الذين تعاقبوا على العمل في إدارة فعاليات مسرح الجمعية هم هواة محبون لهوايتهم، مخلصون لها، ولهم منجزاتهم المسرحية داخل الجمعية وخارجها بما يدفعنا لرفع الأكف تحية لهم وتقديرًا لجهودهم، والذي أعرفه أن تلك التغييرات جاءت لظروفهم الخاصة وبناء على طلبهم. * هل تقدمت بمقترحات عملية لتجاوز راهن المسرح وتضييق الفجوة بينه وبين المسرح في المناطق المجاورة؟ - تطوير أنفسنا مقدم على التحديق في تلك الفجوات، ولأننا معنيون بتطوير أنفسنا فقد تم تشكيل لجنة موسعة للمسرح، نسعى لنبني كما كانت أوائلنا تبني ونصنع فوق ما صنعوا ولكل مجتهد نصيب. * أعلن قسم المسرح في وقت سابق عن نية لعقد ملتقى مسرحي يشمل ندوات وعروض مختلفة وأيام مسرحية ثم بعد ذلك لم نر شيئًا، لماذا رغم أن هذه الخطوات مهمة لخلق حراك مسرحي وتوسيع ثقافة المسرح؟ - ذلك الملتقى كان برنامجًا ضمن خطة اللجنة للعام الحالي المنتهي بنهاية 1431ه، وكان مقررًا له أن يكون مرادفًا لدورة في صقل القدرات المسرحية، وحيث كانت حاجتنا للدورة أكثر حضورًا وإلحاحًا بسبب بروز فريق مسرحي رديف نعوّل عليه كثيرًا ويحتاج لمزيد من الصقل، فقد اقترحنا دمج البرنامجين في واحد استفادة من مخصصيهما -وهما زهيدان أصلًا- في تنفيذ الدورة وفي إعداد مقر الدورة الذي أصبح الآن مقرًا للجنة المسرح، وقد تم الدمج نظاميًا وبمشاورة الجميع وكسبنا من ورائه دورة (من 15-11- حتى 26-11-1431) ومقرًا مثاليًا للجنة المسرح يرتاده محبو المسرح من داخل الجمعية وخارجها، موقع مريح يجمع بين كونه موقع جهد مسرحي وبين اعتباره استراحة محارب، بل أن مجرد زيارته تمنحك دورة مجانية في الثقافة المسرحية، فالصالة الرئيسة تزدان بصور أعلام المسرح من أسخيليوس وسوفوكليس حتى طارق الغامدي (أصغر ممثلينا سنًا) مع نبذة مقتضبة جدًا عن كل علم، والغرفة الثانية أسميناها غرفة التدريب الذاتي ولها في كل شهر فن من فنون المسرح للتدريب عليه، أما الغرفة الثالثة فهي خاصة بتاريخ المسرح في الباحة من خلال منشورات العروض التي توالى تقديمها عبر السنين ومن خلال أصداء تلك العروض في الصحافة المحلية. * يبدو مسرح لجان التنمية الاجتماعية بالمنطقة أكثر حراكًا من قسم المسرح للجمعية، إلى ماذا تعزو هذا الواقع؟ - هذا خبر سار، ولهم منا الدعاء بالتوفيق، وسأبشّرك أيضًا أن الجمعية تقف شامخة في ميدان الجهد المسرحي، ولعلك تدري أن الجمعية قد قدمت هذا العام عرضين مسرحيين كبيرين، “مونودراما مرزوق” التي شاركت بها الجمعية في مهرجان الجنادرية الأخير، ومسرحية الطفل: “قضية جمل” التي شاركت بها الجمعية في برامج صيف العام الحالي، وقد تناقلت بعض وسائل الاعلام أخبار ذينك الجهدين فأعلم بذلك رحمك الله. * لماذا لا يستفاد من نشاط لجان الجمعيات والمؤسسات التربوية بعمل ملتقى مسرحي لها يكون فرع الجمعية هو الراعي له؟ - لجنة المسرح الموسعة أقترحت شكلين من أشكال التواصل مع الجمعيات والمؤسسات التربوية المحلية وسوف نجتمع لإتمام خطة العمل المقترحة للعام الجديد بما تتضمنه من أشكال التواصل مع المجتمع ومع مؤسساته المختلفة. * كم عدد المسرحيات التي تنتجونها كل عام في القسم؟ - عند انتسابي للجمعية منذ أشهر وجدتهم بصدد عملين، وهذا جهد طيب ومناسب وسنستمر على ذلك إضافة إلى حزمة أخرى من البرامج الركحية واسعة الطيف. * هل هناك إصدارات مسرحية ومواقع إلكترونية ومنتديات تشرفون عليها تسهم في رفد الحراك المسرحي بمزيد من المتابعين وتثير وعي مسرحي وترصد حركته في المنطقة؟ - نحن بصدد فكرتين نوظف بهما حقنا في الشبكة العنكبوتية للتثقيف والعصف الذهني وتواصلًا بين المهتمين بالمسرح والعاملين في ميادينه والإعلاميين والتربويين وسائر المثقفين، أما الإصدارات فقد طبعت الدورة التي أقيمت مؤخرا ثلاث ملازم هي ملزمة: حرفيات التمثيل (صور تمثّل الأوضاع المناسبة على خشبة المسرح مع تعليقات مقتضبه) وملزمة: أعلام المسرح ومفرداته، وملزمة: تجارب مسرحية عملية، والإصدارات الثلاثة تستهدف منسوبي الدورة والمترددين على موقع اللجنة، ثلاثة إصدارات متواضعة شكلًا لكنها نافعة مضمونًا والخير آتٍ. * يقال إن الفنون الشعبية سحبت البساط من المسرح من حيث المشاركات والانتساب؟ - ها أنت معنا الآن وترى كل واحد منا يجلس على بساطه! وحسب علمي -وأنا حديث انتساب للجمعية- فإن لكل لجنة خطتها السنوية، وحسب علمي -أيضًا- فإن لجان المسرح على تعاقبها كانت تنفّذ خططها بصورة فاعلة، لكن الإخفاق يكمن في الجاهزية المستمرة للفريق (وهذه قراءة مبدئية) فالميدان الحقيقي للتنافس بين اللجان هو جاهزيتها عند الطلب، لجنة الفنون الشعبية عندنا حققت كفاءة عالية في الجاهزية والاستعداد الفوري للمشاركة، وبالتأكيد فهذه الحالة لم تأت من فراغ ولكنها ثمرة بناء واعٍ ومخلص جعل من لجنة الفنون الشعبية قدوة لنا في جاهزيتها. * أخيرًا.. ماذا تقول عن حركة المسرح المحلي والخليجي؟ - حركة نشطة ولكنها تتفاوت من دولة لأخرى، كما تتفاوت من موسم لآخر داخل الدولة ذاتها، يُحسب للمسرح في دول الخليج المجاورة رصيده العريق من المنجزات المسرحية والمكتسبات الإدارية، ونجاحه في جعل الفرجة عادة يومية لدى الناس هناك، ويُحسب لمسرحنا المحلي بعض طفرات من النجاح وقدرته على التنفس رغم ظروف اليتم التي يعاني منها.