طبيعي أن تسارع قوات درع الجزيرة إلى تلبية طلب مملكة البحرين الشقيقة لدعمها، فمن أجل هذا الدور جرى تأسيس قوة درع الجزيرة قبل 27 عامًا، أما غير الطبيعي فهو أن يعتقد البعض أن من حقه انتقاد التجاوب الخليجي مع الطلب البحريني، أو أن يظن هذا البعض أن التجاوب الخليجي يحتاج إلى استئذان من دول أو من قوى خارج مجلس التعاون الخليجي. وهو ظن في غير محله، لأن دول المجلس بينها من الاتفاقيات والمواثيق والعهود ما يلزمها، بتقديم الدعم لمن يطلبه من أعضائها، فضلاً عن كونها دولاً مستقلة تمارس خياراتها الحرة في تبني ما تراه من قرارات، وما تفضله من سياسات. قوة درع الجزيرة كما يشير اسمها هي “درع” لا “سيف”، أي أنها قوة وقائية دفاعية لا تستهدف أحدًا بشر، لكنها لا تسمح لأحد باستهداف أي من دول مجلس التعاون الخليجي بشر أيضاً، وهي قوة من أجل صيانة السلام والأمن لدول المجلس، واتساقًا مع هذا المنطق فإن من ينتقدون دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين الشقيقة للمشاركة في حماية منشآتها الحيوية وسط قلاقل داخلية تحركها قوى خارجية، إنما يكشفون من حيث لا يحتسبون، هوية تلك القوى التي تحاول إثارة الفتن والقلاقل في البحرين الشقيقة. فالمستفيد من الفتن هو أول من يحتج على جهود إخمادها. التزام المملكة وشقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي بأمن وسلامة واستقرار البحرين ثابت و لن يتزعزع أمام أية ضغوط مهما كان مصدرها، انطلاقا من حقيقة أن أمننا واحد فعلاً لا قولاً، وإذا كان المثل العربي السائر يقول إنه “رب ضارة نافعة” فإن الأزمة التي تحدق بالمنطقة وتهدد استقرارها وأمنها هي في إحدى تجلياتها فرصة لتعميق الوحدة الخليجية، ولتأكيد مدى جدية ومصداقية مؤسسات العمل الخليجي المشترك على كافة الأصعدة، فضلاً عن كونها تأكيدًا على حاجة دول مجلس التعاون إلى تفعيل العمل المشترك، في رسالة قوة لا ينبغي أن تخطئها العين. فوحدة دول مجلس التعاون فعلاً وقولاً، هي الضمان الحقيقي لسلامة تلك الدول، ورسالة القوة والطمأنينة التي يبعث بها مشهد قوات درع الجزيرة وهي تتقدم نحو حماية المنشآت الحيوية في البحرين الشقيقة، ينبغي أن يستوعبها الجميع بوضوح، فلا تفريط في أمن دول مجلس التعاون الخليجي ولا تهاون إزاء من يستهدفون أيًّا منها.