مع انتهاء المعرض الدولي للكتاب في الرياض أقدم للدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام تهنئتي له بالسلامة، وأقدر له حكمته في الوصول بالمعرض إلى يومه الأخير. وأهنئه بشكل خاص على تساميه فوق الاتهامات والتهجم المباشر عليه والإساءة إلى شخصه وتأكيده على أن سياسة وزارته تقوم على عدم مقابلة الشتائم بمثلها ولا الهجوم بمضاد مثله ولا تعبأ بما يقوله البعض في الخارج. ولعله من الضروري التأكيد هنا على أن سياسة أي وزارة لا يضعها الوزير بمفرده دون موافقة الحكومة عليها. فالوزراء في أي حكومة يؤلفون جميعاً مجلس الوزراء الذي يمارس أعماله بصورة جماعية. وتمارس الحكومة بهذه الصورة دوراً سياسياً هاماً في تحضير وإعداد ووضع السياسة. ووفقاً للمادة (10) من نظام مجلس الوزراء السعودي الصادر برقم: أ / 13وتاريخ: 3/3/1414ه «يُعتبر الوزير هو الرئيس المُباشر والمرجِع النهائي لشؤون وزارته ويُمارس أعماله وفق أحكام هذا النظام والأنظمة واللوائح الأُخرى». بينما تقضي المادة (29) بأن «الملك رئيس مجلِس الوزراء هو الذي يُوجه السياسة العامة للدولة ويكفل التوجيه والتنسيق والتعاون... بين مُختلف الأجهزة الحكومية ويضمن الانسجام والاستمرار والوحدة في أعمال مجلِس الوزراء. وله الإشراف على مجلِس الوزراء والوزارات والأجهزة الحكومية، وهو الذي يُراقب تنفيذ الأنظمة واللوائح والقرارات... «. وهذا يعني أن الوزير لا يُمثل نفسه بل هو المنفذ لسياسة الدولة. وهو الأمر مع وزير الثقافة والإعلام في بلادنا .. وهو ما اختاره خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – ليقوم به. علماً بأنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها فعاليات معرض الرياض للكتاب التي أعتبرها أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز «دليلا على انفتاح سياسة المملكة للجميع ، ودليلا على أن الشعب السعودي يريد أن يوسع مداركه وثقافته للاطلاع على ما يصدر في العالم من كتب». كما أنها ليست المرة الأولى التي يتكرر فيها الاحتجاج على معرض الكتاب وفعالياته بنفس الأسلوب المُنفلت غير المُستحب. أنا شخصياً أرى أن اختلاف الرأي حول معرض الرياض للكتاب، أو غيره من الفعاليات .. هو ظاهرة صحية ومطلوبة في إطار تفعيل الحراك الثقافي، وهو ما ينبغي معه فتح الباب لحرية التعبير للجميع ومواجهة الفكر بالفكر .. والرأي بالرأي الآخر. لكن ما نحن ضده هو تجاوزات بعض من أسموا أنفسهم «محتسبين» وصلت إلى درجة «البلطجة» حيث قاموا باعتداءات سافرة وتجاوزات مقيتة على رواد المعرض لم تستثن حتى القائمين على أمور المعرض أنفسهم. وقد وصف الكاتب في جريدة الوطن الأستاذ عبدالرحمن الوابلي ما حدث ممن يتسمون بالمحتسبين، بأنها «تجاوزات حقيقية، ليس بعدها تجاوزات». وحذر من السكوت عن تجاوزاتهم دون محاسبة. وأتمنى على منظمي المعرض العام القادم حسم الموقف تجاه طريقة إبداء الرأي حتى لا تخرج على نفس الصورة التي تواءمت مع تاريخ معرض الكتاب في الرياض منذ بداية فعالياته حتى الآن. لذا فأنا مع الزميل العزيز الأستاذ عبدالرحمن الوابلي في ضرورة أن «يحسم مسئولو معرض الرياض الدولي للكتاب، أمرهم على منع الاحتساب الجماعي داخل المعرض، السنة القادمة، وبمساندة أجهزة أمنية...»