عندما بلغ الأمر ذروته، وسئمت الشعوب في بعض الدول العربية وعود أنظمتها الإصلاحية، بدأت تحركها وأعلنت نهاية عهد عانت خلاله السنين العجاف من الظلم والفساد والاستبداد والقمع، وكان لها ما أرادت، وسجل التاريخ تلك الأحداث والتحولات لتكون شاهدة على انتصار الحق على الظلم والطغيان، مهما طال الأمد واعتقد الظالم أن قبضته قفصًا محكمًا يستحيل كسر قضبانه، غير أن الإرادة الصادقة والقوية غيرت القناعات والمسلمات التي سادت عقودًا من الزمان، فتحطم ذلك القفص العملاق الذي بالأمس كان يحرم على من بداخله حلم الخروج وحلم الحرية. الحقيقة أن تلك الشعوب تأخرت كثيرًا، وفاتها الركب وظلت تراوح مكانها، في حين واصل العالم تقدمه وتطوره، وبقي البعض يمارس دور المتفرج والمتعجب وغير المصدق احيانًا، وكل ذلك بسبب أنظمة بالية لا يروق لها مجاراة العصر ومتطلباته، ولا يهمها صوت المواطن العربي الذي ينشد ابسط الحقوق المشروعة. بدأت شرارة الثورة الشعبية من تونس ومن ثم اتجهت إلى مصر العروبة، وفي كلا البلدين تحققت إرادة الشعب، ما يعني أن تلك الشرارة تحولت إلى جحيم، ترمي بشرر كل من ارتأى الوقوف أمام ذلك الطوفان البشري العارم، ولم تتوقف هذه الثورة عند هذا الحد بل كانت ليبيا أيضًا على موعد وقدر محتوم لوضع حد لنظام القذافي الذي واجه شعبه بالرصاص الحي والنار. الكل مع هذه الشعوب ومع خيارها في تحديد مصيرها، لكن يبدو أن هناك وعلى الجانب الآخر من يحاول الاصطياد في الماء العكر، مستغلًا الأحداث الراهنة لإثارة الفتن وبخاصة الطائفية منها من اجل خلق بلبلة في مجتمعات مطمئنة، ومما لا شك فيه أن ثمة قوى خارجية لا يروق لها ما تنعم به دول الخليج العربية من أمن واستقرار سياسي واقتصادي لكن المؤكد أن أي محاولة من هذا النوع سيكون مصيرها الفشل، لأن المواطن الخليجي يعي جيدًا ما يضمره الأعداء، ويدرك أن دول مجلس التعاون سعت جاهدة وتحدت الصعاب منذ عقود من اجل تقدم ورفعة أوطانها في شتى المجالات، الأمر الذي حقق للمواطن الخليجي العيش الكريم في ظل الخدمات والتسهيلات المقدمة من قبل حكومات هذه الدول، والتي سعت منذ زمن للإصلاح الحقيقي الذي تنشده شعوبها، وفي هذا الصدد لا يخفى على الجميع الأهداف الخبيثة لبعض المواقع الإلكترونية وبعض القنوات الفضائية التي تعمل بمبدأ “دس السم في العسل”، تلك المحاولات بائسة ومكشوفة للجميع، ويعلم من يقف خلفها علم اليقين أنه أمام وطن واحد وشعب خليجي واحد صمد أمام الكثير من المشكلات وسيظل كذلك لا تهزه العواصف ولا تغيره الأيام والسنين. م. عايض الميلبي -المدينة المنورة