8 سنوات مرّت على تأسيس جامعة طيبة، لم تشفع لها لإنشاء سكنٍ لطالباتها المغتربات، اللاتي هاجرْنَ إليها للدراسة من خارج المدينة المنوّرة، ويُقدّر عددهنّ بالمئات!. المال متوفّر، والأرض أكثر وفْرة، فلماذا لم تُنشئ الجامعة هذا السكن داخل الحرم الجامعي ليُهيئ بيئة تعليمية نموذجية؟ أين الإدارة؟ أين الإرادة؟. في رسالة لي يقول أولياء أمور الطالبات إنّ الجامعة استأجرت عمارة لإسكانهنّ، تقع في حي شعبي بعيد عن الجامعة، ويكتنفه الصخب، وتنتقل الطالبات منها وإليها على حافلات قليلة بجدولة لا تُناسب جدول الدراسة، وليس للعمارة سور يحميها من المتطفّلين، وتتكدّس كلّ غرفة فيها ب 5 طالبات، فلا راحة نِلْنَ، ولا مذاكرة، ودواليب الغرف بدون أقفال، والمُصلّى والمسرح في القبو، والمُتنفّس الوحيد هو السطح، ولا توجد بها مكتبة، وفيها بقالة أسعارها غالية، ودوامها محدود، والطعام كذلك محدود، وطلبه من الخارج ممنوع، ولا يوجد إنترنت مجّاني، رغم أنّ الجامعة تعتمد على نظام جسور للتواصل الإلكتروني بين الأستاذات والطالبات، وأكثر من يُعاني هنّ الطالبات الفقيرات، لعجزهنّ عن شراء كمبيوتر محمول ودفع اشتراك إنترنت، كما تنعدم الهواتف الثابتة لاتصال الطالبات بذويهنّ!. ولفتت انتباهي صورة بعثها لي أولياء الأمور للعمارة من الخارج، وتُبيّن أنها وَقْف مستأجر، أي أنّ لها ناظر وورثة مُستفيدين من الإيجار، فماذا لو اختلفوا فيما بينهم كما يحصل في جُلّ الأوقاف؟ هل يُجيِّرون نار اختلافهم للطالبات؟ فنقرأ ذات يوم في جريدة المدينة خبرًا بمانشيت عريض يقول: طرْد طالبات مغتربات من وقف إلى الشارع!. السكن للجامعيين علم وحياة، فلماذا صار مأساة؟ والجامعة ولا كأنها موجودة، أراها تُعْلن في موقعها الإلكتروني عن قُرْب طرح مناقصات للإسكان، ويا ليل المناقصات ما أطولك، والمأساة الأكبر هي ما تفتخر به الجامعة في ذات الموقع، وضمن وثيقة خطتها الإستراتيجية، عن بنائها لبيئة جامعية جاذبة ومتكاملة، خُوشْ جاذبية، وخُوشْ تكامل!.