الدكتورة نادية باعشن الأكاديمية في علم الإدارة، والناشطة في الشأن الاقتصادي من خلال تجاربها المتعددة في أكثر من موقع، كما أنها مؤسسة مركز السيدة خديجة بنت خويلد.. تحدثت بصراحة مطلقة وشفافية عالية ل”المدينة”.. ولم تتردد في الإجابة على كل سؤال.. وجاء في حوارها أنها تنحاز إلى التعليم الأهلي الجامعي على حساب العليم العالي العام، مشيرة على التعليم الأهلي يتسم بمرونة كبيرة يفتقدها التعليم العالي، لافتة إلى أن هناك العديد من الأقسام بجامعة الملك عبدالعزيز لا حاجة للناس بها، ويجب إغلاقها لأن كل خريجيها لا مكان لهم في سوق العمل. معللة تكرار أسماء بعينها في عدة وظائف ومناصب قيادية إلى فشو ظاهر «ثقافة الدائرة المغلقة»، مبينة أن التعيينات الحكومية نفسها وعلى مستوى الوزارات لم تسلم من هذه الثقافة التي تكرّس الوظائف في حدود ضيقة وتمنع أصحاب المواهب والقدرات من الوصول إليها. مؤكدة أن القيادات النسائية في جامعة الملك عبدالعزيز تم اختيارها وفق منهج ذكوري نظرًا للصلة التي تربط هذه القيادات ببعض الرجال في الجامعة. كذلك أشارت باعشن إلى أن مركز خديجة بنت خويلد أصبح طاردًا لسيدات الأعمال بعد أن تركته، مما دفع بسيدات الأعمال إلى العزوف عن التعامل معه، مشيرة إلى أن الصراع الذي نشأ أخيرًا في منتدى السيدة خديجة بنت خويلد انصب نحو المنتدى ولم يشمل المركز، مؤكدة أن من هاجموا المنتدى ليسوا على صواب، كون الذي حدث في جلسات المنتدى أقل بكثير مما يحدث في قاعات الأفراح، ورغم دفاعه ذلك إلا أن باعشن تشير إلى أن المنتدى بات يتجاهلها، وأن الدعوة ألخيرة لم تتلقها بصورة شخصية، بل كنوع من البرتوكول.. منتقدة التدريب النسوي واصفة واقعه ب»المؤلم»، مبينة أن المؤسسة العامة للتعليم الفني حوّلت التدريب إلى «دكاكين» للاستنزاف عبر الطلبات الكثيرة.. القصة الطريفة لإنشاء مركز السيدة خديجة بنت خويلد، ودور شقيقة رفيق الحريري فيه، ولم تركت باعشن دلة البركة، وموقفها من الابتعاث الداخلي والخارجي.. وغير ذلك من المحاور طي هذا الحوار.. * ليكن المبتدأ بمركز السيدة خديجة بنت خويلد.. نتمنى أن تعطينا فكرة عن تأسيسه؟ هناك قصة طريفة وراء تأسيس المركز وأجد نفسي ملزمة بذكرها؛ مركز السيدة خديجة تمخض في الأساس عن فكرة أكبر منه، المشروع الأكبر هو الدائرة الاقتصادية الاجتماعية التي كان يترأسها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله. بمجرد أن جاء للمنطقة الغربية فقد قام بتشكيل لجنة استشارية وأفرد منها خمسة مقاعد للمرأة وشارك فيها 15 من رجال الأعمال والأكاديميين والمؤثرين وذوي الاختصاص في المنطقة، إضافة لخمسة من سيدات المجتمع السعودي اللاتي عرفت بالتخصص أو التعليم أو المكانة المؤثرة والفاعلة بالمجتمع، وحظيت بأن أكون إحدى هؤلاء الخمسة الذين بدأت بهم الدائرة الاقتصادية الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة. استمر عمل هذه الدائرة حوالي أربع أو خمس سنوات حتى وفاة سمو الأمير رحمة الله عليه؛ أثناء هذه الفترة كان الأمير يبادر بأفكار من أصحاب الشأن في اللجنة لتفعيل دور هذه اللجنة الاستشارية في خدمة المنطقة بفئاتها المختلفة، إحدى هذه الفئات كانت رجال الأعمال الذين لهم مشكلات ومعوقات وغير ذلك، أنا في الأساس ابنة الغرفة التجارية وكنت موجودة ولي صولة وجولة منذ أيام الدكتور عبدالله دحلان. مركز السيدة خديجة بنت خويلد كان في عهد المهندس عادل فقيه، ولكن ما سبق ذلك منذ عام 1988 وحتى العام 1992م كنت في الغرفة التجارية أعمل بجانب الدكتور عبدالله دحلان عندما كان أمين عام الغرفة التجارية في تلك الفترة، وابتدأنا مشروعات كثيرة منها فتح الباب لتدريب المرأة في الميناء، وبعد ذلك تم فتحه في المقر الجديد، وغير ذلك من المنجزات التي قمنا بها في تلك الفترة. في الدائرة الاقتصادية وبحكم استشعاري لاحتياجات المرأة والمشكلات الفعلية التي تواجهها أشرت على سموه بأن نتقابل مع مجموعة من السيدات ليستمع إلى مشكلاتهن وهمومهن، لم يقصر - رحمة الله عليه-، وقدم دعوة لحوالي 77 سيدة لمقابلته في قصره الخاص واجتمع بنا. استمع إلينا وأمر في تلك الليلة بتشكيل لجنة تسمى لجنة سيدات الأعمال داخل الغرفة التجارية وتترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز. ابتدأت العملية في شكل اجتماع دوري للجنة داخل الغرفة التجارية التي استضافت كل اجتماعاتنا. عملنا في هذا المجال لمدة عامين تحت إشراف سمو الأمير وباستضافة الغرفة التجارية، لكن نتاج الدراسات والاستفتاءات والتحقيقات والاستشارات التي قامت بها اللجنة أصبحت هناك خطة عمل. كان من المستحيل أن تقوم اللجنة بتنفيذ خطة العمل ما لم يكن لها جهاز تنفيذي ومديرات وموظفات. هذا لم يكن متوفرًا آنذاك في الغرفة التجارية. بعد حل مجلس الإدارة السابق فتم تشكيل مجلس إدارة جديد للغرفة ولحسن حظنا أن رئيس المجلس في ذلك الوقت كان المهندس عادل فقيه الذي جاء وهو يستشعر هذه الاحتياجات من خلال إحدى أعضاء الدائرة الاقتصادية الاجتماعية وهي زوجته السيدة مها فتيحي التي كانت معنا في الدائرة. كان فقيه لصيقًا بما يحدث. بمجرد أن أتى إلى الغرفة التجارية قال إنه ما دمنا بحاجة إلى جهاز تنفيذي فلماذا لا يكون هناك مركز يحتوي هذه الخطط وهذه الأفكار كلها ويضعها موضع التنفيذ بدل أن تكون هناك لجنة منفصلة، فكان مركز السيدة خديجة بنت خويلد، وللأمانة التاريخية أقول لا بد من إعطاء كل ذي حق حقه فالفكرة أتت من السيدة بهية الحريري شقيقة رفيق الحريري التي حضرت قبل إنشاء المركز بعدة أشهر منتدى جدة الاقتصادي الذي سبق افتتاح المركز بعدة أشهر وقالت في ورقتها التي قدمتها في ذلك المنتدى إنها وجدت أن الحضور النسائي كبير والمشاركة النسائية فاعلة فأعجبت وفوجئت بوجود حضور نسائي فاعل في هذا المنتدى الاقتصادي فقالت لم لا يكلل هذا الحضور بمكان يخدمهن ويوفر لهن المساعدات والدعم الذي يحتجنه في عملهن ضمن أنشطة الغرفة التجارية ويكون باسم أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد. لم يكن لدى السيدة الحريري تصور مكتمل لكن كان هذا هو اقتراحها. خدمات شاملة * كيف ترين فعاليات المركز حاليًا وأنت تتابعينها عن بعد نوعًا ما؟ كل من ينتبه لاسم المركز سيلاحظ الفرق بين ما كان وبين ما أصبح عليه. خلال الفترة التي عملنا فيها، . تولت بعدي الدكتورة بسمة. خلال الفترة التي عملت فيها كان اسم المركز هو مركز السيدة خديجة بنت خويلد لخدمة سيدات الأعمال، فكان يقدم خدمات للنساء. كل سيدات الغرفة اللائي لا يردن الذهاب والتعامل مع الرجال كن يقدمن أعمالهن من خلال المركز بالإضافة إلى كل ما تحتاجه المرأة العاملة وسيدات الأعمال من بقية الإدارات من دورات تدريبية وتوعوية ومنتديات وأنشطة وما إلى ذلك. أصبح المركز في ذلك الوقت قبلة تتجه إليها كل سيدات الأعمال سواء الموجودة على الساحة أو تنوي الدخول إليها. الموجودة على الساحة تجد كل الخدمات التي يتمتع بها زميلها وزيادة. التي تنوي الدخول كانت تجد النصح والإرشادات القانونية وكانت بجوارنا وزارة التجارة وصارت الأمور ميسرة وهنا الآلاف ممن يمكنهن نصحها. انعدام الخدمات * ما هو الوضع الحالي؟ بمجرد أن جاءت الدكتورة بسمة كان هناك مجلس إدارة جديد وتولى أمره الشيخ صالح التركي الذي أعتز جدًّا بهذا الرجل وصداقته لكن أزعم أنه بعد أن ذهبت أخذت مهام المركز تقتصر من خدمية على خدمات بحثية والقيام بأبحاث ودراسات تصب حول معوقات المرأة وتخرج بحلول وتوصيات ترسل لذوي السلطة وولاة الأمر لتفعيل تلك التوصيات. بعد أن حدث ذلك انفضت السيدات من حوله لأنه لم يعد يشرع أبوابه أمامهن ولم يعد ميسرًا لخدمة السيدات ولم يكن هناك من يقصده. * هل حدث ذلك في دورتك؟ أبدًا. * في دورة الدكتورة بسمة؟ نعم. * يتعرض المركز حاليًا لهجوم عنيف من بعض التيارات.. فهناك من يصف المركز بالتغريبي وآخرون يقولون إن اسم السيدة خديجة أكبر من أن يكون في مركز تغريبي كهذا.. فكيف ترين هذه الحملة؟ المركز لم تتم مهاجمته؛ وما هوجم هو منتدى السيدة خديجة بنت خويلد بدليل أن المركز كان موجودًا قبل هذا المنتدى ولم تتم مهاجمته. الهجوم تم توجيهه إلى المنتدى الأخير الذي تم عقده في الهيلتون، وكانت من ضمنه بعض البرامج والفقرات التي أخذت على المنتدى كمركز يحمل هذا الاسم الطاهر. المهاجمون قالوا إن المركز يدعي أنه يقدم خدمات وهو في أساسه يسعى لتحرير المرأة. أختلف جدًّا مع كل من هاجم المنتدى لأنه كان قمة في العطاء والتنظيم والأداء والأطروحات بكل معانيها ولم يقل مستوى عن أي من الملتقيات أو المنتديات التي تعقد بصفة شبه يومية أو شهرية في الغرفة التجارية ويعد من أفضلها كونهم عملوا فقرة ما أو نشيد أو ما شابه ذلك فأقول إن من سمع ليس كمن رأى. الذين صاحوا وهللوا وانتقدوا سمعوا ولم يشاهدوا. ما حدث كان أمرًا عاديًا وأقل بكثير مما يحدث في أفراحنا واحتفالاتنا في قاعات الأفراح وغيرها حيث كان في منتهى الأدب والاحترام. حتى الفقرة التي غنت فيها سيدة أغنيات لأم كلثوم كانت تقف وكأن أم كلثوم تشاهدها. أم كلثوم كما تعرف من أكثر الشخصيات المحترمة التي يكن لها الشرق كله المحبة والإعزاز. هذه السيدة وقفت كما كانت تقف أم كلثوم ولم تتعرى ولم تتميع ولم تتقصع بل غنّت ثلاثة أغنيات بالعدد من الأغنيات الكلاسيكية التي ليس فيها مجون ولا خلاعة. الأوبريت كان من أداء أطفال يلبسون الأزياء المدرسية لذلك لم يتراقصوا بل كانوا يهللون ويكبرون ويذكرون النّبي صلّى الله عليه وسلّم. الأوبريت في الأصل كان يتحدث عن سيرة أم المؤمنين، فكيف يقولون إن هناك رقص ومجون ونحن نذكر سيرة أم المؤمنين. لا اختلاط * غير ما ذكرت يرى هؤلاء أنه كان هناك اختلاط وغيره من الأمور المستهجنة في المجتمع حسب ما ورد في بياناتهم في الإنترنت؟ لم يكن هناك أي اختلاط؛ بل كانت القاعة منفصلة والمشترك فقط هو المسرح حيث كان يجلس المتحدثون والمتحدثات فإذا كان هذا اختلاط فهو موجود في منتدى جدة الاقتصادي. عملت في الغرفة لمدة ثلاث سنوات ولم يكن هناك أي منتدى إلا والمرأة مشاركة فيه على المسرح في الحضور. * لم غبتِ عن المنتدى الأخير ولم تشاركي بأي ورقة.. هل هناك تهميش للدكتورة نادية؟ التهميش ليس في المنتدى؛ وجميل أنني دعيت في المنتدى الأخير، في المنتدى الأول لم تتم دعوتي، وكنت قد تركت المنتدى لتوي ولم أكمل بعد فترة ستة أشهر أو سنة. لم تتم دعوتي للحضور. أعتقد أن الدعوة الأخيرة لم تأتني بصورة شخصية ولا تنسى أن الدكتور عبدالله دحلان عضو مجلس إدارة. أعتقد أن الدعوة كان لا بد أن تحضر كنوع من البروتوكول لأنه لا يمكن أن تتم دعوة العميد وتترك العميدة وأنا عميدة لكلية إدارة الأعمال. * ما هو تفسيرك لعدم دعوتك وأنت من مؤسسات المركز الأوائل؟ أعتقد أن هذا السؤال ينبغي أن يوجه للسيدات القائمات الآن على أمر المركز. لم يطرق أحد بابي وكان لي أي تعامل معهن واستنكفت عن العطاء. خرجت من المركز بطريقة لطيفة ولم يكن هناك أي غضب. أنا التي استقلت وذهبت للمؤسسة العامة للتدريب المهني والفني لكي أؤسس أول فقرع بجدة لأن الدكتور علي الغفيص زارنا ووجد أنني أسست مركز السيدة خديجة وكان هو قد بدأ في تأسيس الفرع النسائي في الرياض بمشاركة الدكتورة منيرة العلولا وقال لي إنه لا يعرف أحدًا في جدة غيرك، الدكتور علي زميل دراسة سابق ورحبت بالمشاركة في الواجب. كنت قد أسست مركز السيدة خديجة وأطلقته وبقين سنة إضافية لعمل النظام ووافقت على مساعدة الدكتور الغفيص. أول من أبلغتها بهذا الكلام هو سمو الأميرة عادلة بنت عبدالله وعندما عتبت علي قلت لها إن هذا هو نداء الواجب فقبلت. ذهبت إلى الدكتور علي وعملت معه وقمنا بفتح أول مركز لخدمة السيدات في التدريب لخدمة النساء وعمل التراخيص والتصاريح. دكاكين التدريب * كيف ترين مجال التدريب النسوي في إطاره العام حاليًا؟ أرى أن واقعه مؤلم ويكاد يكون غير موجود، وما هو موجود هو أشباه تدريب وليس تدريبًا بالمعنى الصحيح للكلمة... * ما الذي نحتاجه؟ أولًا لابد للمؤسسة العامة للتعليم الفني أن تقوم بمهامها الحقيقية. المؤسسة دخلت في مجال التدريب بنفسها فكيف تكون جهة مرخصة للتدريب ومنافسة له؟ هذا لا يجوز. أن تفتح كليات ومعاهد وتقدم شهادات عليا كدبلومات في ظل وجود سوق جبار وضخم والطلب فيه بصورة كبيرة وتدخل المؤسسة كمنافس فهذا خطأ كبير. الخطأ الثاني هو أن المؤسسة كجهة مصرحة ومشرفة على سوق التدريب أوجدت في الآونة الأخيرة عدة شروط لم ينزل الله بها من سلطان لأنها شروط غير واقعية على الإطلاق مما خلخل هذه الصناعة بشكل كبير. عندما تتحدث مع العاملين في المؤسسة يقولون لك إن سوق التدريب أصبح كالدكاكين. فلماذا لا يوجدوا أنظمة تحكم العملية وليس معوقات تزيد من المشكلات. كل الأنظمة التي فرضوها عبارة عن مبالغ مادية. حتى تفتح مؤسسة تدريبية لا بد من دفع تأمين قدره 250 ألف ريال. حتى يتم ترخيص الحقيبة التدريبية لا بد من دفع مبالغ أخرى. حتى يتم تصديق الشهادات لا بد من دفع مبالغ مالية. الأمر عبارة عن استنزاف شديد. من يريدون فتح معاهد تدريبية يعانون أشد المعاناة. لذلك لم نجد شركة تتولى أمر معاهد التدريب. حتى في الغرفة التجارية عندما يستخرج اشتراك الغرفة نجد أن اسمه يكون الفئة الثالثة وهم أصغر أنواع المؤسسات الفردية لأنها مؤسسات فردية وليس شركات. للأسف الشديد تم استنزاف هذه الطبقة «التعبانة» «الكحيانة» التي لو تم استيعابها بشكل مختلف وتخطيط مختلف لأصبحت لديك صناعة تدريب لا يعلو عليها في الشرق الأوسط. * وما الذي يمنع إيقاف هذه المؤسسات الصغيرة المتعثرة وإيجاد شركات كبرى؟ هذه إحدى الحلول التي طرحت ولم يؤخذ بها. الشركات الموجودة على الساحة مثل وول ستريت، ونيو هورايزون لا تخضع للمؤسسة بل تدخل كشركة في وزارة التجارة وبالتالي فهي معفاة من هذا الاستنزاف واللوائح والقوانين. ترمومتر التقدم * برأيك لم تبدو المرأة السعودية دائمًا ورقة ضغط في المجتمع تتناولها وسائل الإعلام والحملات الأجنبية؟ الإجابة في قمة البساطة.؛ إذا نهضت المرأة نهضت الأمة. الجزئية التي يقاس بها نهوض الأمم وتقدمها وتطورها – وأنا لا أتحدث عن المملكة ولكن بصورة عامة – هي المرأة. ابحث عن المرأة إذا وجدتها تتمتع بحقوقها كافة وتتمتع بالمساواة تجدها فاعلة ومشاركة بشكل ملحوظ. وإذا وجدتها متعلمة ونشطة فتلك أمة ناهضة، وإذا وجدت عكس ذلك فهي أمة متخلفة. لذلك فالمرأة هي الترمومتر الذي يقاس به تقدم الشعوب كافة وليس المملكة فقط. الظاهر أن المرأة السعودية تبدو لمن ينظر لها من الخارج أنها لا تتبوأ المكانة التي تتبوأها مثيلاتها في الدول الأخرى وحتى الدول الإسلامية. هناك عدة مؤشرات تدل على أنها غير ناهضة. أنا أتحدث عن وجهة النظر الخارجية. فهم مغلوط * رأستم إدارة المسؤولية الاجتماعية في مجموعة دلة.. هناك من يرى أن الأدوار التي تقوم بها الشركات السعودية في هذا المجال لا يزال دون المأمول والطموح من هذه الشركات؟ أوافقك هذا الرأي 100%. القصور له أسباب والأسباب قد تكون شائعة يشترك فيها الجميع، وقد تكون خاصة وتختص بها البعض دون الآخر. الأسباب الشائعة هي أنه لا زال هناك عدم اتفاق على مفهوم المسؤولية الاجتماعية كما أرادها من صاغ هذا المفهوم وكما أرادها الغرب وكما أرادها الإسلام. ديننا الإسلامي حث على المسؤولية الاجتماعية ولكن للأسف لا تطبق المفاهيم الشرعية في هذا الأمر. لا زال هناك نوع من اللغط حول مفهومها حيث تختلط في الأذهان وبالذات في الشركات الكبرى وأصحاب الشركات الكبرى ورجال الأعمال الكبار الذين يملكون الرغبة الصادقة، لكنهم لم يفهموها بالضبط، لذلك تبقى هذه المسؤولية محصورة في الأعمال الخيرية وتطغى على البعض مفاهيم التسويق فتأخذ هذا المنحى أو ذاك وتبعد عن طبيعتها الأصلية التي تحمل الصفتين ولكن لأغراض مختلفة بمعنى أنها تتفق معها في الأدوات ولكن تختلف عنهما في الأهداف والتصورات والاستراتيجيات. الخيري لا يسعى إلى التنمية المستدامة، والتسويق هدفه الربحية فيختلفان في الصميم. عندما يختلف هذا عن ذاك يحدث الاختلاف. * نجد في مدينة جدة أن المناصب النسائية متكررة فما هو تفسيرك لهذا؟ في أي مجال؟ *سواء في الجامعات أو الكليات أو الغرفة التجارية أو في الشركات؟ أنا من هذه المنظومة وألاحظ ذلك. هذه مسألة ثقافة. بيئتنا تتسم بهذه السمة الثقافية وهي أننا عندما نحتاج للاستعانة بشخصيات وقدرات نسأل عنهم في دائرتنا ولا نخرج عنها. حتى عندما تنظر للتعيينات الحكومية عندما نريد إحداث تغيير وزاري نكتفي بأخذ الوزير الفلاني من هذه الوزارة ونضعه في وزارة أخرى. وزير الإعلام يذهب للحج ووزير الحج يذهب للإعلام، وهكذا. وكأن 20 مليون سعودي وسعودية لا يوجد بينهم إلا تسعة رهط من المدينة (ضاحكة). إقصاء القدرات * وأنا أوجه اتهامًا لهذه المنظومة وهي أن أغلب الأسماء من بيوتات جدة فقط.. أسرة السيدة هي التي تعينهن؟ وكذلك بيوتات الرياض والشرقية وكل مكان. هذه ثقافة عامة. هذه دائرة محيطة بصاحب الشأن الذي يختار. عندما يختار تكون اختياراته داخل دائرات ومن النادر أن يخرج من هذه الدائرة. * ولكن هذا قد يكون إقصاء للكفاءات والقدرات؟ نعم. إذا نظرت للجامعات مثل جامعة الملك عبدالعزيز تجد أن المناصب النسائية القيادية ترشح من الجانب الرجالي وأنت تدرك ذلك. نحن لا نختار بعضنا ولا نعين بعضنا. الرجل هو الذي يختار ويستخرج القرار. زمرة القيادات النسائية في قسم الطالبات هي نتاج اختيار رجالي ذكوري تجدهم كلهم دائرة واحدة ولهن بشكل أو بآخر صلة بالشق الذكوري. نحن كذلك وطبعنا كذلك كمجتمع سعودي. أن نستقطب خبرات وقدرات ذكورية أو نسائية ننظر حولنا ولا نخرج عن دائرتنا وفي هذا إقصاء للقدرات المتاحة التي صرفت عليها الدولة مبالغ مالية. فلا تأخذ وضعها ومكانتها هذه ثقافة المجتمع. * لماذا تركت دلة البركة؟ لا أريد من الشيخ صالح أن يغضب مني وسمعت أنه استقال من شركة دلة قبل سنوات عندما تفرغ للعمل في الغرفة التجارية. الشيخ صالح ابتعد إلى حد كبير من دلة التي يقوم عليها ابنه عبدالله والمديرين معه من داخل العائلة. عندما دخلت دلة وجلست مع الشيخ صالح وابنه أحسست أن التصور والطموح كبير جدًّا فأطلقت العنان وليس اختصاصي المسؤولية الاجتماعية وليس لي دخل بالمجتمع وتخصصي هو إدارة قوى عامة وموارد بشرية، لكني أملك بحكم تعليمي من الأدوات ما يمكنني من العمل واكتساب الخبرة. اجتهدت وأذكر أنني كنت أجلس على الكومبيوتر لأتعرف على تجارب الآخرين لمدة 14 ساعة متواصلة إلى أن أصبحت لي حصيلة غير طبيعية عن مفاهيم المسؤولية الاجتماعية وتوغلت داخلي لأني آمنت بها كوسيلة للتطور الاجتماعي الذي ينعكس مباشرة على التطور الاقتصادي لأنك تتحدث عن تنمية مستدامة. الفرد يرتقي إلى مستواه إلى مستوى أعلى لأنه يصبح فرد فاعل بدلًا عن فرد يعاني. للأسف في دلة البركة لم أجد التوافق بين المفاهيم التي جئت بها والمفاهيم التي ترجمت في مشروعات تحقق بالفعل التنمية المستدامة بالمعنى الصحيح الذي ينعكس على دلة البركة كشركة كبيرة لها ثقل داخل وخارج المملكة. لم أجد هذا التوافق في الرؤى. في السنة الأخيرة عانيت معاناة شديدة مع الإدارة. * تقدمت باستقالة؟ نعم. * هل ندمت على العمل معهم؟ لم أندم وإنما تعلمت في سبيل ما أردت تحقيقه لهم أشياء لم أك أعرفها عن المسؤولية الاجتماعية كمبدأ في الحياة وممارسة في العالم وإنتاج وإنجاز وعطاءات. كانت تجربة ثرية. مما أثراها أنني أؤمن أن معرفة الناس مكسب. تعاملت مع هؤلاء الناس بما يرضي الله وهذا مكسب. مرونة مفقودة * بدأت أكاديمية ثم خرجت إلى مجال الأعمال ومن ثم عدت إلى الجانب الأكاديمي.. كيف ترين تجربتك في التعليم الجامعي الأهلي؟ الميزة التي يتميز بها التعليم الأهلي العالي أنه يتسم بمرونة لا يتسم بها التعليم العالي العام. صارت لنا فترة طويلة ونحن نصيح: مخرجات التعليم العام لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل. بالتالي حتى تذهب لجامعة الملك عبدالعزيز يمكن أن أحدد لك مجموعة من الأقسام التي أرى أن إغلاقها أفضل من استمرارها لأنها تخرج أناسًا ليست لهم في سوق العمل أي مكان. * أفهم من هذا الكلام أنه ليس من بين طلابكم أي عاطلين عن العمل؟ على الإطلاق. هم ثلاث فئات. خريجونا يتوجهون إما للعمل وهم السواد الأعظم، أو يتوجهون لعملهم الخاص وهؤلاء أقلية، أو يتجهوا إلى استكمال تعليمهم العالي في الخارج وهم كثر وبالذات الذين حظوا بمنح خادم الحرمين الشريفين فسافروا للخارج. نحن على تواصل معهم. تهمة أبناء الذوات * ولكن علاقتكم مقتصرة على أبناء الذوات والفئات التي تستطيع أن تدفع ولم تقوموا بخدمة المجتمع في فئاته.. فالطبقة الوسطى ليست حاضرة في كليتكم؟ إذا كنت تريد نفي دور منح خادم الحرمين الشريفين أقول إن كلامك صحيح لكن بوجود هذا البرنامج الضخم الرائع المعطاء الخدوم الداعم لأبناء وبنات الوطن أصبحت المعادلة مختلفة تمامًا. قد تكون من أهداف كلية CBA في بداياتها أن تكون مقدمة للخدمة التي ذكرتها مع العلم أننا لم نكن فقط لأبناء وبنات الذوات بل كنا نستهدف ونستقطب الطبقة الوسطى وهم أبناء ذوي المهن الحرة، مثل ابنة الطبيب والمحامي والمهندس والصحافي والأستاذ الجامعي. بوجود هذا المشروع الجبار الذي يستحوذ على اهتمام مولاي خادم الحرمين بشكل كبير ولا أقولها مجاملة ولكني أعطيك أدلة على ما أقول، فهذا البرنامج فتح فرصة كبيرة للابتعاث الداخلي إلى من لا يملكون الفرصة للدخول إلى هذه الجامعة. معايير منضبطة * استفدتم ولا شك من الابتعاث الداخلي والمنح الدراسية.. فكيف يتم اختيار الطلاب والطالبات وكيف تحمون هذه المنح من دخول الواسطات والمحسوبية التي قد تطغى على هذه المنح التي قد تحرم أبناء الطبقة الوسطى، فهناك من يرى أن الواسطة حاضرة وأنكم تختارون الطلاب وتحددوهم؟ الأمر لا يخضع للواسطة والقرار أولًا وأخيرًا للجامعة أو الكلية التي طالما أن لها معايير للجودة وكل الكليات الخاصة تقدم لطلب الاعتماد الأكاديمي حتى يتم تحويلها إلى جامعات. حتى نحصل على هذا الاعتماد فنحن مطالبون من هيئة الاعتماد السعودية بأن نحقق مستويات عالية جدًّا من الجودة في التعليم وتقديم الخدمة الراقية. بالتالي لا يوجد تنازل عن هذه المعايير. الطلبة والطالبات يقدمون على موقع المنح في الإنترنت. الوزارة تبدي استعدادها للقبول إذا تحققت شروطها. إن تحققت هذه الشروط يطلب من الطالب إحضار قبول من الجامعة. يقوم الطلاب بتقديم أوراقهم. الجامعة لها شروط أيضًا وتتوافق مع معايير الجودة التي تسعى الجامعات لتحقيقها حتى تستوفي شروط الاعتماد الأكاديمي. * هل يتم التقديم عن طريق الوزارة؟ نعم، لأنها منحهم وليست منحنا لكنها مربوطة بإحضار القبول من الجامعة أو الكلية سواء في الداخل أو الخارج. القبول يتم إحضاره من جامعة معترف بها تقدم برنامجًا معترف به في مجالات الاختصاص التي تحتاجها الدولة. منح مختلفة * ماذا تقدمون أنتم من منح للطلاب المتفوقون بغض النظر عن الرسوم؟ إضافة إلى منح الدولة؟ * نعم؟ لدينا ثلاثة أنواع من المنح، لدينا منح حكومية ومنح تقدمها شركات من القطاع الخاص ولن أذكر أسماءهم لأنهم لا يريدون ذكر أسمائهم. هناك عدد من رجال الأعمال يقدمون منحًا لبعض الطلاب ويبعثوها للجامعات ويطلبوا حضور هؤلاء الطلاب إليهم. بعضهم يشترط على الطلاب أن يعملوا معهم لعامين. بعضها يقوم أيضًا بتقديم منح للحصول على الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه على أن يعود في النهاية للعمل معهم. النوع الثالث من المنح نقدمها نحن لطلابنا. لا نقدم هذه المنح لطلاب جدد بل لطلاب قطعوا شوطًا وتعثروا لأسباب مادية تخص أسرهم. هؤلاء يتقدموا بطلبات ويتم النظر لهذه الطلبات من زوايا عديدة وننظر لمعدلاتها الدراسية فإذا كانت معدلاتها عالية وتتسم بالعطاء والالتزام ولها معدل عالي يتم منحها منحة من مجلس الأمناء المؤسسون. بعضهن لا يطلب المساعدة وتريد تخفيضًا بنسبة في المائة. أسلوب أكاديمي * علمت أن هناك تعاونًا بينكم وبين الكليات الأهلية،.. حدثينا عن هذا التعاون؟ التعاون قائم بأسلوب أكاديمي معروف في الدول الخارجية مثل أمريكا باسم كونسورتيوم وهو يعني أن تجتمع أكثر من جامعة تتفق في ما بينها على عدد من المواد الدراسية الواردة في خططها ولو درست الطالبة في هذه الجامعة أو تلك تحسب لها كما لو أنها درستها في جامعتها. عملنا هذا النوع من الاتفاق بين بعضنا البعض والآن تجد أن طالبات دار الحكمة يدرسن مادة لدينا وتحسب لها كما لو أنها درستها لديهم. كذلك فإن طالبتنا تدرس في دار الحكمة وتحسب لها كما لو أنها درستها هنا. هذا نوع من الترابط غير الأكاديمي بين الجامعات الذي نطلق عليه الأنشطة اللامنهجية. هذه على صعيدين وهي الرياضة والأندية المصغرة في كل واحدة من هذه الجامعات. حتى في جامعة الملك عبدالعزيز لديهم فريق لكرة السلة أو كرة اليد أو كرة الريشة... * كم فريقًا لديكم في جامعتكم؟ لدينا فريقان لأنا بدأنا مؤخرًا وليس من البدايات فريق في كرة السلة وكرة اليد وجاري إعداد فريق في كرة الريشة. المتقدم في هذه الفرق ولدينا مدربة تقوم بتدريبهن لأننا سندخل في التصفيات فور العودة من الإجازة. سوف نبدأ التصفيات النهائية ابتداءً من يوم الاثنين ولمدة أسبوع بين كليات حكمت وعفت وCBA وجامعة الملك عبدالعزيز وفريق مستقل لا ينتمي لأي جامعة لأنهن خريجات ولهن فريق خاص هو فريق جدة لكرة السلة وفريق جدة لكرة اليد. هذه الفرق سوف تقيم التصفيات النهائية. مدربات محترفات * ألم تصلكم مناهضات من معارضي الرياضة النسائية؟ لا أعتقد لأنها تتم في وسط نسائي وتحت إشراف المسؤولات في كل الجامعات ويتم الاستثمار فيها لأننا نأتي بمدربات على أعلى مستوى ويتم توفير الألبسة الرياضية والتدريبات. لدينا نادي. أعتقد أن العقل السليم في الجسم السليم. إذا كان عقل البنت ليس واعيًا فكأني أنفخ في قربة مقطوعة. الرياضة والدين * هل يعني هذا أننا مقبلون على رياضة وفرق نسائية؟ أتمنى ذلك؛ وأعلم حسب مفاهيمي أن الرياضة النسائية غير ممنوعة في الدين، وأن خولة بنت الأزور رضي الله عنه كانت فارسة ومحاربة وذادت عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم. هل ولدت خولة وهي تعرف كيفية ركوب الخيل والحروب؟ لا بد أنها تدربت. في ذلك الزمن هل كانت خولة تتدرب في المدينةالمنورة التي كانت صغيرة جدًّا والنبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم؟ لا بد أنه كان يعرف. عندما تلقت خولة وغيرها من النساء تدريبهن على يد آبائهن أو إخوانهن هل لم يعلم النبي؟ لماذا لم يمنعهن؟ عندما طلبت منه الإذن بالخروج لم يعارض بل وافق. ************************* د.نادية باعشن.. جهود في الاقتصاد والإدارة أولت الدكتورة نادية محمد صالح مشهور باعشن اهتمامًا كبيرًا بالمجال الاقتصادي دراسةً ونشاطًا، فما إن قضت أيام دراستها الأولى بمدينة جدة التي وُلدت فيها، حتى انتقلت إلى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة لتحصل بعد سنوات الدراسة بها على درجة البكالوريوس في الاقتصاد في العام 1398ه/ 1978م، ثم انتقلت إلى أمريكا لتحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة أريزونا الأمريكية في العام 1403ه/ 1982م، ثم الدكتوراة في الاتصالات التنظيمية من جامعة أريزونا نفسها في العام 1404ه.1983م.. عقب ذلك عملت أستاذة مساعدة بكلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبدالعزيز في العام 1408ه.1987م، ثم نائبة عميد الكلية للشعبة النسائية خلال الفترة من 1409إلى 1413ه، ومديرة عامة بالنيابة للمبنى النسائي بالجامعة في العام 1411ه.1990م، ومديرة مركز تدريب جدة بكلية إدارة الأعمال في عام 1419ه.1998م، ثم مديرة عامة لمركز السيدة خديجة بنت خويلد بغرفة جدة.. كما شغلت عضوية العديد من اللجان الجامعية منها: لجنة التطوير الإداري، والتوظيف والخدمات الدولية، كذلك حصلت باعشن على العديد من الدورات التدريبية منها: تنمية مهارات الاتصال داخل الفصل الدراسي: أنماط القيادة الإدارية وأثرها في نمو المنشآت، وكيفية إعداد البحث العلمي، وطرق القياس الكمية، تطوير العمل المؤسسي 1416ه.1995م.