ما كتبه الزميل الأستاذ محمد عويس الغامدي المنشور في ملحق المدينة “الأربعاء” الصادر يوم 23 محرم 1432ه عن الأمير سعود السديري عاد بذاكرتي إلى أيام خوالٍ قضيناها في إمارة منطقة الباحة حينما كان الأمير سعود السديري أميرًا عليها وكان بالإمارة في تلك الحقبة كوكبة من الموظفين الذين صنعهم الأمير سعود بفكره وعلمه وتوجيهاته الرشيدة خدموا الإمارة والمواطنين بكل أمانة وإخلاص منهم من توفاه الله وهم حمد الجبرين وعبدالرحمن بن لويحق المطيري وعبدالاله صالح المكرمي رحمهم الله ومنهم علي فراش المرض مثل الأستاذ علي السلوك الزهراني شافاه الله ومن هم على قيد الحياة وهم الأستاذ محمد الشاعر والأستاذ محمد عويس الغامدي والأستاذ فراج الدرعان الدوسري والأستاذ عبدالله المزروع والأستاذ مسعود عواضه المطيري هذه النخبة كانت ملء السمع والبصر عند الأمير سعود السديري لجهودهم المميزة في خدمة الإمارة وأصحاب القضايا حيث تميزت معالجتهم لهموم الناس بحسن الأسلوب واختيار المفرده السليمة والواضحة التي تمكن أمراء المراكز ودوائر الشرطة من تنفيذ التوجيه دون صعوبة في الفهم وأتذكر الشيخ محمد المهوس أحد رجالات وزارة الداخلية آنذاك وصل إلى المنطقة في مهمة رسمية ومن لطفه وتواضعه وحسن خلقه قام بزيارة مكاتب الإمارة واستقر به الجلوس في القسم الجنائي الذي يرأسه الأستاذ علي السلوك الزهراني وكنت مساعدًا للقسم ومن أدب الشيخ طلب تمكينه من مطالعة بعض المعاملات التي في طريقها إلى الصدور من الامار ة إلى جهات رسمية فأبدى إعجابه وقال مقولة جميلة هي إنني أقرأ عملًا أدبيًا رائعًا لا خطابًا رسميًا فشكرناه على جميل عباراته وقلنا له: إن الشكر يجب أن يقدم للأمير سعود السديري الذي يتفانى في توجيهنا وأرشادنا إلى مكمن الخطأ. وشهادة للتاريخ فإن الأمير سعود السديري رجل دولة يستشعر مسؤولياته أمام الله ثم ولي الأمر والمواطنين يسهر الليل لدراسة القضايا حرصًا منه لتحقيق العدالة تبرئة للذمة وما تحقق للمنطقة من مشروع بعد مغادرته المنطقة يعود الفضل لله ثم له شخصيًا وهو رجل قلم تميز بذلك في معارفه في مناحي العلم والأدب وصاحب مدرسة إدارية قل من يجاريه في هذا الميدان نهل منها موظفوه بشغف فتجلى ذلك في حسن حل قضايا الناس بفهم عميق وكان من حرصه عدم بقاء المعاملات في القسم اكثر من ثلاثة ايام اما قضايا السجناء فتصدر يوميًا ومن يتسبب في التأخير يحاسبه حسابًا عسيرًا ثم أن الذاكرة لا زالت تمدني ببعض المواقف فقد صدر أمره بأن أتولى مسؤولية مكتب معين فاعتذرت لمن نقل إليّ رغبة الأمير بكل شدة حفاظًا على مشاعر زميلي وفي شدة غضبه كلفني بجانب عملي بسكرتارية المجلس الإداري فقبلت التكليف دون تردد لأنني سأكون على مقربة منه حتى أستفيد من توجيهاته وتجاربه وذات مرة كتبت قرار المجلس الإداري الذي يتعلق باختيار إحدى قرى المنطقة أحد عقلاء القرية ليكون عريفًا للقرية بدلًا من المتوفي وجاء في حيثيات القرار أن القرية اختارت فلانًا ليكون عريفًا لقريتهم بدلًا من المتوفي فرجع إليّ القرار بدون توقيع ومكتوب في نهاية القرار البيت الآتي: أو كلما وفدت عكاظ قبيلة بعثت إليّ عريفهم يتوسل فعرفت أن الصحيح “عريف” وليس عريفة فعدلت الخطأ إلى الصواب فقام بتوقيع القرار إضافة إلى ذلك فإن الأمير سعود السديري يعقد اجتماعات مستمرة مع موظفيه يوضح لهم ملاحظاته وتوجيهاته التي تخدم العمل وترفع مستوى الموظف ومن تلك الملاحظات التي لا زالت عالقة في الذهن أكثر من أربعين سنة حيث وجه حديثه إلى الموظفين قائلًا إنكم تحيلون القضايا إلى جهات التنفيذ بعد النظر فيها من المحاكم الشرعية بعبارة “أعتمدوا تنفيذ ما تقرر شرعًا” وفي النفس ما فيها من هذه العبارة فما يدريكم أن ما تقرر يتفق والشرع؟ اكتبوا بدلًا عن ذلك “اعتمدوا ما قرره القاضي” فاذا كان القرار صائبًا فله الأجر وإن كان غير ذلك فلا تحملوني وأنفسكم الوزر. لقد كان سعود السديري بحق مدرسة فكرية استفدت من هذه المدرسة حين خروجي من الامارة إلى جهة رسمية أخرى بترشيح شيخ منه وقد حققت نجاحًا في عملي شهد بذلك كل منصف ولا زلت أقطف ثمار ذلك النجاح بعد تقاعدي ويعود الفضل في ذلك لله ثم لتوجيه وإرشادات الأمير سعود السديري. هذه ومضة متواضعة عن هذا الرجل المخلص المبدع والذي نجله ونحترمه شاكرًا لأخي الأستاذ محمد عويس الغامدي بادرته الطيبة نحو أميرنا العزيز والتي حفزتني لايضاح ما يتمتع به الأمير سعود السديري من إخلاص لمليكه ووطنه وأن يحفظه الله وينعم عليه بالصحة والعافية. والله من وراء القصد.