طالب عدد من الزوجات اللاتي تعرّضن للعنف من أزواجهن بوضع قوانين صارمة لمعاقبة من يتعامل بالعنف مع زوجته وأولاده أو إحدى مولياته ، حيث تكررت في الآونة الأخيرة حوادث الإعتداء ضد الزوجات بالضرب أو الشتم أمام الأولاد أو الأهل أو حتى في الشارع العام!!. وأكد الدكتور حسين الشريف المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن قضايا العنف لعام 1431ه بلغ عددها 608 حالات عنف، مشددا على أن الخط الساخن الذي استحدثته وزارة الشؤون الاجتماعية أثبت فعاليته في التعامل مع شكاوى العنف. وبدوره أوضح عبدالله آل طاوي مدير الشؤون الاجتماعية أنه لا يجب أن تكون دور الحماية مأوى للمعنفات إلى الأبد، بل لابد من تفعيل دور الشؤون الاجتماعية في إيجاد أسر بديلة تأويهن. من جانبه أوضح العقيد مسفر الجعيد الناطق الرسمي لشرطة جدة أن طبيعة هذه القضايا أن تكون من اختصاص المؤسسات الاجتماعية، أما الشرطة فلا تتدخل إلا في حال ثبوت العنف بتقرير طبي لمعاقبة الجاني بما يستحق. وأشار عدد من المختصين إلى أن التربية هي الأساس، وأرجعوا سبب إحساس الزوج بالسيطرة والتملك، ومن ثم الاعتداء على زوجته أو أبنائه غير مبالٍ أحيانا بأضرار ما يفعله، إلى طبيعة المجتمع الذكوري. قصص من الواقع "المدينة" التقت عددا من السيدات اللاتي تعرضن للعنف من قبل الأزواج واستمعت إلى معاناتهن ومطالبهن. بداية تقول (م . أ) وهي أم لخمسة أبناء: أصعب شيء على أي أم هو أن تكون أداة لتدمير نفسيات وسلوكيات أبنائها بالسب والشتم والضرب، فعندما كان زوجي يضربني كنت أتوسل إليه أن لا يكون ذلك أمام أبنائي، الأمر الذي جعله يتمادى في ذلك بسبب علمه بخوفي على أبنائي وشعورهم من رؤية والدتهم وهي تتوسل للكف عن ضربها. وأضافت: دائما يصفني زوجي بعبارات اعلم أن تأثيرها على أبنائي سيظل إلى الأبد، وهذا أكثر ما يجعلني أشعر بالأسى فأنا اعمل بإحدى المدارس "مستخدمة"، وهذا الأمر يزعج زوجي مع انه مصدر الدخل الوحيد للبيت، فهو كان يعمل بالتجارة وخسر كل ما لديه، الأمر الذي جعله يشعر بالفشل مفرغا تلك الشحنات بضربي وشتمي على أتفه الأسباب!!. وأمام هذا الواقع تؤكد على ضرورة أن تكون هناك قوانين حازمة تجاه الزوج الذي يعنف زوجته وأولاده، حتى لا تتكرر هذه التصرفات وتشعر الزوجات بالأمن في بيوتهن وهذا ابسط حقوقهن. لم احصل على ابني رغم حكم "الحضانة" (أم محمد ، غ) تقول: تزوجت من ابن عمي وحين استحالت الحياة بيننا اخذ ابني وطلقني فلجأت للقاضي لعدم مقدرتي على العيش بعيدا عن فلذة كبدي، فحكم لي القاضي بالحضانة وذلك بعد 8 سنوات من رفع القضية وحين خروجي من باب المحكمة تهجم عليّ طليقي بالضرب أمام الناس ولم يتجرأ احد لينقذني منه، وفي النهاية لم احصل على ابني رغم حكم القاضي، وهي تتساءل (من يرفع الأذى عنا نحن "الضعيفات" في ظل تمرد وسيطرة الرجل في سبيل إذلال وإهانة زوجته، ليس هذا شرعنا ولا عرْفنا)!!. تركت وظيفتي من أجل أبنائي بدورها تقول (خ . م) وهي معلمة: لم يتوقف زوجي عن التنغيص عليّ كل صباح حين استعدادي للذهاب للعمل مع أني لم أقصر معه بكافة واجباتي الزوجية وتجاه أبنائي حتى أني أتكفل بمصاريف البيت، قبل أن يخيّرني بين تقديم استقالتي أو مغادرة المنزل، كان يعاملني بقسوة ويضربني أمام أولادي وخوفا عليهم من العذاب النفسي والجحيم الذي يتّهمني زوجي بأنني سببه بإصراري على العمل، تركت وظيفتي ولم يزل يعاملني بنفس القسوة بل أنه زاد في ضربي، ولانعدام حيلتي لم يكن أمامي إلا الصبر لأجل أبنائي. التربية الذكورية أساس المشكلة وتؤكد هيفاء فوزي كبرة أستاذ مساعد في جامعة الملك عبد العزيز تخصص علم اجتماع أن المرأة السعودية ليست مستكينة، ولكنها لا تتمتع بكامل حقوقها وتتعرض للعنف والتهميش الذي ينفي شخصيتها وكيانها، وذلك بسبب بعض الممارسات الخاطئة وعلى رأسها التربية، فلابد من التنشئة الاجتماعية السليمة منذ الصغر بحيث يتعلم الطفل احترام أخته وأمه والمعاملة الحسنة بينهما وتوعية الفتاة بحقها وألا تتعوّد على الاستسلام والتنازل لان ذلك قد تترتب عليه نتائج سلبية تعزز تسلط الرجل. وإذا كانت التنشئة غير سليمة للرجل فيجب إن تتم توعيته، فمثلا الجامعة تنظم دورات تأهيلية للرجال والفتيات، ليتعلم الرجل حقوقه وبالمقابل واجباته تجاه زوجته، ويتم توجيهه لو كان هناك خلل في تربيته، والاهم القوانين القضائية التي هي حق مشروع للمرأة، ويجب أن تُحترم القوانين التي تُعطيها حقوقها وتنفذ وتتخذ إجراءات حاسمة ضد من يتعدى على هذه القوانين. وتشير هيفاء إلى أن هناك قوانين كثيرة للأحوال الشخصية تُترك لاجتهاد العلماء وليس هناك حق ثابت للمرأة مما زاد في تهميش وجودها وهذا يجب أن يؤخذ بالحسبان. حقوق ضائعة من جهتها ترى الدكتورة الهام باجنيد أستاذة مساعد في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز أن تعدد حوادث العنف بسبب جهل المرأة بحقوقها، وهناك الكثير من حقوق المرأة مغيبة أما بسبب عدم وعيها أو عدم استحثاث نفسها لتتعلم حقوقها من جديد، ولا يجوز أن تستكين المرأة في حال تعرضت للعنف وأبسط ما يمكن أن تفعله هو رفض هذا السلوك في حقها. كما يجب إعادة صياغة المجتمع ليتناسب مع الاعتبارات المتاحة في الشرع، فغالبية الحقوق في المجتمع تتمحور حول الرجل مما أدى إلى تغييب بعض حقوق المرأة التي هي بدورها لا تعلمها، لذا يجب توعيتها بحقها من غير غلو ولا تطرف ولا تعنت، بحيث تنطلق الأحكام الشرعية من نظرة اجتماعية واعية وأن تعتبر هذه الحقوق كثقافة للمجتمع وتكون سائدة ومعروفة ولا يتم تجاهلها. ******************** د. الشريف: الحاجة ملحة لإصدار قانون تجريم العنف ضد المرأة والطفل أكد الدكتور حسين الشريف المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن القضايا التي تمت إحالتها للفرع بشكل عام بلغ عددها 608 قضايا، أتت حصة العنف الأسري منها 68 حالة، والعنف ضد الاطفال (30). وأوضح « أن آلية التعامل مع قضايا العنف الأسري تكون عبر كشف كافة طرق التواصل مع المعنفين من خلال استقبال الشكاوى عبر البريد الالكتروني أو الفاكس أو الهاتف أو الحضور الشخصي، وبعد ذلك يتم فتح ملف ونتعامل مع الحالة حسب وضعها في حالات تتطلب التدخل العاجل وذلك من خلال التواصل مع اقرب مركز شرطة كما وتحاط الشؤون الاجتماعية بالحالة ومن ثم متابعتها والتأكد من حمايتها واتخاذ الإجراءات النظامية نحو إحالة المعنّف إلى الشرطة ثم إلى هيئة الادعاء العام ثم إلى المحاكمة، و في حالات يكون وضعها آمن ولكن تحتاج لأخذ حقها من خلال الإجراءات النظامية بالتقدم لأقرب مركز شرطة والحصول على تقرير طبي ثم استكمال متابعة حالتها مع الشرطة وهيئة التحقيق والادعاء العام وأيضا الشؤون الاجتماعية في حالات يتم تحويلها إليها مباشرة إذا كانت تملك القدرة على متابعة حالتها بالتنسيق مع الشؤون الاجتماعية، وفي حالات أخرى يتم تكليف محامون متطوعون في الجمعية لمتابعة قضيتها. وأضاف د. الشريف: «خلال الفترة السابقة تأكد لنا مدى الحاجة الملحة إلى الإسراع بإصدار قانون تجريم العنف ضد المرأة والطفل الذي لم يصدر حتى هذه اللحظة رغم مرور فترة زمنية طويلة، وكلنا أمل أن يرى النور في أقرب وقت ممكن. وزاد: «هناك خطوات إيجابية وإن كنا نرى بأنها غير كافية تحتاج لمزيد من العمل من قبل الشؤون الاجتماعية كإيجاد الخط الساخن وهو (1919) فهو جيد ولكنه يحتاج إلى التوسع في دور الحماية وأن تكون الآليات في استقبال الحالات واضحة وأن يتم التعامل مع قضايا العنف بشكل جدي، إضافة إلى برنامج الأمن الأسري هو خطوة متقدمة في الوقوف ضد العنف الذي يمارس سواء على المرأة أو على الأطفال. واستطرد: «هذه الإجراءات ما هي إلى خطوات علاجية أي أنه بعد وقوع العنف وبعد حدوث المشكلة ونحن نأمل أيضا أن تكون هناك خطوات وقائية لعدم وجود العنف بالأصل أو الحد منه، وهذه الخطوات الوقاية تكمن في البحث عن أسباب العنف الأسري وعادة تتركز في الحالة الاجتماعية والوضع الاقتصادي للأسرة، المخدرات، قلة الوازع الديني، والخلط في الكثير من المفاهيم مابين الحقوق الدينية لأرباب الأسر مع العادات والتقاليد، لذلك هناك أدوار أخرى يجب على كثير من الجهات أن تعمل من اجلها لتصحيح كثير من المفاهيم، ومن هذه الجهات التعليم، وزارة الشؤون الاجتماعية، وكذلك على وزارة الشؤون الإسلامية أن تحث خطباء المساجد على تناول هذه القضية خصوصا وأنها مجرمة شرعا، إضافة إلى المناشط الثقافية في الأندية الأدبية وخلافها، كما أن الإعلام له دور كبير في المساعدة على توعية الناس بمخاطر وسلبيات العنف الأسري، لان أي حالة معنفة سوف تنتج بالتأكيد حالة عنف أخرى ولا شك أن وجود العنف سوف يؤثر على الاستقرار المجتمعي والأسري، وبالنهاية هي منظومة متكاملة يجب أن نعمل من أجلها لنجد نتائج ايجابية على ارض الواقع، كما أن الدورات التي نقوم بها هنا بالجمعية هي دورات تثقيفية، كما أطلقنا حملة «أصول الرحمة» مع برنامج الأمان الأسري ما زالت مستمرة تحت إشراف الجوهرة العنقري عضوة الجمعية، كما عملنا على أن تكون هناك «كليبات» تعرض في القنوات الفضائية تناقش هذه المواضيع. ************************ العقيد الجعيد: الشرطة تتدخل في حالات العنف الواضحة أوضح العقيد مسفر الجعيد الناطق الرسمي لشرطة جدة أن هذه الحالات من العنف غالبا ما ترد لأقسام الشرطة ولكن الجهة المسؤولة عنها هي دار الحماية، وتتدخل الشرطة في حال وجود علامات للعنف والضرب، ويطلب من المعنفة إحضار تقرير طبي من المستشفى لتقوم الشرطة بعمل الإجراء اللازم من خلال هيئة التحقيق والادعاء العام. وأضاف: مثل هذه الحالات يكون فيها تحفظ في نشر إحصائية أو رصد للحالات لأن طبيعة هذه القضايا أنه لا يجوز التدخل بها، وتكون من شأن المؤسسات الاجتماعية التي تعالج مثل هذه القضايا. ************************ آل طاوي:ندرس حالات المعنفات ونحاول حل المشكلة أوضح عبد الله آل طاوي مديرا لشؤون الاجتماعية بمنطقة مكةالمكرمة أن دور الحماية تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية ولكن لو أتت إحدى المعنفات لا بد أن يدرس وضعها إذا كانت معنفة بتقرير طبي أو جهات أمنية يتطلب بقاءها بالدار، ولكن نحن نبحث عن الأسر البديلة، نبحث عن أهلها (والدها، أخوها، عمها، أو احد أبنائها)، فهذه الدور ليست إيوائية، ولكن لابد أن تدرس الحالة ونحن نستقبل جميع الاتصالات ونتعامل معها بحرفية، ويوجد لدينا أخصائيون وأخصائيات دورهم تقريب وجهات النظر أو البحث عن أسرة بديلة، فإذا كان التعنيف واضحا بتقرير طبي أو من جهة أمنية يتم إيواء المعنفة بالدار بشرط ألا تكون الدار مأوى مستمرا وإنما لفترة بسيطة حتى تحل المشكلة.