طغت أحداث المنطقة العربية على القضية الفلسطينية والمأساة المستمرة والمتفاقمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فقطاع غزة عاد للجوع والحصار مرة أخرى بعد إغلاق الحدود مع مصر وعاد وصف "السجن الكبير" للتداول على ألسنة الفلسطينيين الساكنين فيه. فيما بادرت إسرائيل إلى القبض على 3 من قادة حكة فتح في القدس للتحقيق معهم، أما مشاريع الاستيطان في القدس والضفة الغربية فهي مستمرة على قدم وساق غير عابئة بما يحدث في المنطقة بل ربما مستغلة هذه الأحداث للمضي بوتيرة متسارعة في تحقيق مخططاتها الاستيطانية بما يمنع أي حلم مستقبلي لقيام الدولة الفلسطينية المرتقبة. وبينما تتجه الأنظار إلى دول عربية مختلفة تعاني من المظاهرات والقلاقل، تبدو إسرائيل في أشد حالات الاطمئنان فالانتقاد الدولي لمواقفها من عملية السلام أو الاستيطان أو مخططات التهجير للعرب المقيمين داخلها تراجعت إلى آخر الأولويات في الأجندة الدولية وعلى الأغلب لن تعود إلى المقدمة إلا بعد وقت طويل. كما أن إسرائيل بالتأكيد سوف تستغل الاضطرابات في المنطقة، كي تدعي أنها تعيش في محيط خطير لا أمن فيه معيدة تصوير نفسها كواحة ديمقراطية وأمان وسط عالم عربي مضطرب وقلق، وستدفع بالتأكيد في هذا الاتجاه لكسب التعاطف الدولي الذي خسرته على مدى السنين الماضية بسبب وحشيتها وعدوانيتها في التعامل مع الفلسطينيين وقطاع غزة تحديدا سواء في حالة الحرب أو الحصار. وغني عن القول إن مشاريع الدول العربية لإدانة إسرائيل في الأممالمتحدة قد دفنت الآن، أما الجهود لإنهاء الخلاف الفلسطيني الفلسطيني فقد توقفت بالكامل، وحصار غزة قد يعود كحقيقة واقعة لا يمكن تغييرها. ومن الهام جدا التنبه لهذا الأمر فهذه المعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني والقضية التي بقيت دون حل منذ 60 عاما والاحتلال والاستيطان هي أهم أسباب غياب الاستقرار في المنطقة، وعلى المجتمع الدولي الذي ينادي بالاستقرار ويطالب به أن يعالج أساس المشكلة لا نتائجها. وكلما أدار المجتمع الدولي وجهه بعيدا عن هذه الحقيقة كلما ازدادت الأزمات في المنطقة وكلما اهتزت علاقته مع دول المنطقة وشعوبها.