تبتسم الحياة للعم طلال عندما يرى تلك الضحكات البريئة على محيا طفلته وأبنائه، لكن سرعان ما تتلاشى تلك الابتسامة عندما يتذكر حاله وما آل اليه هو واسرته من مرض أصابه وفقر لحق بهم وجوع قض مضاجعهم يجعلهم يبحثون عن لقمة عيش من أي مصدر كانت حتى تسد من رمقهم وأخيرا وفوق هذا وما به من محن جاءته رسالة مدلولها طرده من شقته التي كانت تخفي وتكتم همومه داخل جدرانها الأربعة وبقي يصارع الحياة وحده وعلى كاهله ستة من أبنائه وزوجته التي لا حول لها ولا قوة سوى مرافقة زوجها الذي قذفته الحياة في اي جانب. يسرد العم طلال معاناته ويقول: كنت أعمل موظفا فأصبت في ذلك الوقت بمرض نفسي جعلني أفقد الوعي تماما في بعض الاحيان فبسبب مرضي طلبت التخلي عن عملي فبقيت أصارع الأمرين الفقر والمرض حتى ازدادت حالتي سوءًا عامًا بعد آخر. يقف طلال ممسكا عن الكلام وعيناه تجهشان البكاء ويستطرد حديثه وكأن الجبال الرواسي جاثمة فوق ظهره قائلا: بأنه يقف حائرا أمام تلبية طلبات أبنائه البسيطة التي من أجلها أخفي دمعاتي حتى ان بنيتي الصغيرة لا استطيع ان اوفر لها الحليب والدواء فحالتي الصحية لا تسمح بممارسة الاعمال الحرة فوصل بي الحال إلى أن وجدت نفسي وأبنائي مطرودين من الشقة التي كنا نسكنها بمساعدة اهل الخير لنا والتي كنا نكتم همومنا داخل جدرانها الأربعة، ولم أجد ما انقذ به اسرتي ونفسي لأستسلم للواقع المرير الذي اعيشه فيوم انام بحوض سيارتي وآخر في الحدائق وعلى الأرصفة اتقاسم أنا وأولادي ما يجود به أهل الخير علينا. ويضيف: أكثر ما يؤرقني ويطعن فؤادي كل لحضه تلك الاسئلة، التي تنهال علي من أبنائي الصغار، فأحدهم يسألني لماذا نعيش على الارصفة وفي الحدائق، ولماذا لا يكون لنا بيت مثل أولاد عمي وخالي وآخر يسألني لماذا نسكن داخل حوض السيارة، حيث ان قواي خارت دون استطاعتي ان اجيب على احد منهم. وفوق اسئلتهم المحيرة يؤرقني ويقض مضجعي خوفي على ابنائي ومستقبلهم فأكبرهم يبلغ من العمر 19سنة يحلم بمواصلة دراسته بعد أن أنهى المرحلة الثانوية ويطمح أن ينهي تعليمه الجامعي ليجد فرصة وظيفية ويقف إلى جانب والده المريض ووالدته واخوانه الذين لا مأوى ولا زاد لهم سوى التحافهم السماء وافتراشهم الارض يقول طلال كان آخر فكره في بالي هي اللجوء الى الصحافة غير أن أولادي وخوفي عليهم ومستقبلهم قادني إلى ذلك يقف برهة، ويواصل حديثه قائلا: من حق ابنائي علي أن ابتسم في وجوههم لكنني منذ سنوات طوال لم استطع ذلك فكل أيامي وليالي أقضيها مهموما حتى انه في أيام الاعياد لم أذق طعما للسعادة كغيري من بني البشر. طلال يأمل من أهل الخير مساعدته ويحدوه الأمل الأكبر في أن تتدخل إدارة الضمان الاجتماعي وتعيد ابتسامته الغائبة منذ سنوات الى ابنائه،