حذّر الباحث في معالم المدينةالمنورة التاريخية والسيرة النبوية عبدالله بن مصطفى الشنقيطي من خطورة أودية الحرة الجنوبية بالمدينةالمنورة التي تشكّل خطرًا على المسجد النبوي الشريف والمنطقة المركزية والأحياء الجنوبية، داعيًا إلى سرعة تصحيح ما تعرضت له تلك الأودية من عبث بمجاريها وسدّ لعبارات التصريف فيها، مؤكدًا وقوع أحياء سكنية بمجاري السيول. وطمأن الشنقيطي في بحث خصّ به “المدينة” من الوضع في واديي العقيق وقناة اللذين يدخلان المدينة من أطرافها الغربيةوالشرقية، مشيرًا إلى أن وادي العقيق قد أقيم عليه سدّ في أعلاه عند غدير مجز (وهو غدير مشهور في تاريخ وادي العقيق)، كما أقيم سدّ عند مفيض أكبر روافده (وادي ريم)، وكذلك الأمر بالنسبة لوادي قناة فقد أقيم عليه سدّان، وخلص إلى أن هذين الواديين لا يشكلان خطورة على المدينة وخصوصاً إذا تم تهذيب مجراهما وتعميقه. وعن الأودية التي تشكّل خطورة وتدخل قلب المدينة قال الشنقيطي: إن الخطورة تكمن في أودية الحرة الجنوبية وهي أودية الرانوناء ومذينيب ومهزور (والواديان الأخيران إذا اجتمعا سمي الوادي بطحان)، ولفت إلى أن أودية الحرة هذه هي التي كانت ومازالت تشكل خطراً على الأحياء الجنوبية للمدينة وصولاً إلى المنطقة المركزية والمسجد النبوي وما حوله. وعن وادي مهزور قال الشنقيطي: إنه يسمى الآن وادي الفحل، وهو القادم من شفا الحرة الجنوبية الشرقية (حرة قريظة) ويتعلق أعلاه بجبل بركاني (حلاءة) قرب النقطة الأمنية الواقعة على طريق "ضعة"، وقال: إن هذا الوادي هو الذي خِيف على المسجد النبوي من سيله في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه وفي أزمنة أخرى، وكان ومازال يشكل تهديدًا لكل الأحياء التي تقع في طريقه، خاصة وأنه قد تم الاعتداء على مجراه من أعلاه إلى أسفله، وُسدّت العبارات عند الدائري الثاني التي من المفترض أن يمرّ منها سيل الوادي وهي أصلا ضيّقة ولا تستوعب كمية المياه القادمة من الحرة وهي مياه قويّة التدفّق، وخصوصاً إذا هطلت الأمطار على الحرة بغزارة، لأن شفا الحرة يرتفع عن مركز المدينة بأكثر من 150 متراً ويبعد مسافة 15- 16 كم فقط، لذلك فنسبة الانحدار عالية. أما مذينيب -أو بطحان كما يسميه البعض- فيقول الباحث: إن مجراه عند الدائري الثالث قد سُدّ، وأصبح يشكل خطراً على العابرين لذلك الطريق ولقاطني تلك الناحية، وأوضح أن المجرى التحويلي الذي نفذته الأمانة للوادي في حرة شوران لم يعُدْ ذا فائدة، لأن سيل الوادي قد احتُجز خلف الطريق الدائري الثالث وأُقفلت العبّارات التي وُضعت ليمرّ السيل منها إلى حوض السد الجديد في شوران. ونبّه الباحث إلى أن سيل حرة بعاث في الجهة الشرقية يمرّ في عبّارة مفتوحة نهايتها عند حي الخالدية قرب مدارس المنارات متوقّعاً تأثُّر ذلك الجزء من الحي بشدة إذا سالت تلك الحرة وتدفق السيل في مجراه. وشبّه الباحث الوضع في المدينةالمنورة بجدّة، معلّلاً ذلك بما سماه “التشابه الطبوغرافي” بين وضع جدة بالنسبة لجبالها الشرقيةوالمدينة بالنسبة لحرّتها الجنوبية.