احتشد عشرات الآلاف في ميدان التحرير قبيل الظهر في القاهرة أمس، تلبية للدعوة إلى تظاهرات مليونية لإسقاط الرئيس حسني مبارك في جميع أنحاء مصر الجمعة الذي أطلق عليه المحتجون “جمعة الرحيل”، فيما قام وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي بزيارة قصيرة إلى ميدان التحرير لتفقد الأوضاع في الساحة وهتف المتظاهرون مرحبين به “يا مشير يا مشير إحنا اولادك في التحرير”. وفيما نفى محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حدوث مفاوضات بين ممثلين عن المتظاهرين في ميدان التحرير ونائب رئيس الجمهورية المصري عمر سليمان. صرح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أنه لا يستبعد الترشح للرئاسة خلال الانتخابات المقبلة المفترض إجراؤها في سبتمبر المقبل؛ وذلك قبيل زيارة أعلن مكتبه أنه سيقوم بها للمتظاهرين المطالبين بإسقاط مبارك في ميدان التحرير سعيا منه إلى «التهدئة». وأضاف لإذاعة أوروبا أنه لا يعتقد أن مبارك سيغادر البلاد، مضيفا اعتقد أنه باق حتى نهاية اغسطس. وكان الوزير المشير محمد حسين طنطاوي تبادل مع المتظاهرين حديثا قصيرا ساعيا إلى تهدئتهم وخاطب بعضهم، قائلا: يا جماعة الرجل قال لكم انه لن يرشح نفسه مرة ثانية، بعدما أعلن الرئيس المصري في كلمة ألقاها الثلاثاء انه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة. وأضاف أمام هؤلاء المتظاهرين الذين طلب منهم جنود الجلوس ليتمكن الوزير من التحدث إليهم: قولوا للمرشد ان يقعد معهم، في إشارة على ما يبدو إلى محمد بديع مرشد جماعة الاخوان المسلمين التي رفضت الحوار مع السلطة إلا بعد تنحي مبارك. وأعلن مرشد الاخوان المسلمين محمد بديع أن الجماعة على استعداد للحوار مع نائب الرئيس المصري اللواء عمر سليمان بعد رحيل مبارك. وقال الرئيس المصري في مقابلة مع قناة “ايه بي سي” الاميركية الخميس الماضي: ضاق ذرعي من الرئاسة وأرغب بمغادرة منصبي الآن، لكن لا يمكنني ذلك خوفا من أن تغرق البلاد في الفوضى. وأكد نائب الرئيس أن الدعوة إلى رحيل مبارك هي بمثابة دعوة إلى الفوضى. من جهته، قال رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق: إن مطالب المحتجين تحققت بنسبة 95 بالمئة. وقال لقناة “الحرة” التلفزيونية: تمت الاستجابة للمطالب بنسبة 95%، مضيفا أنه حصل التزام كامل بأن الرئيس لن يعود ثانية للترشيح وأن نجله لن يترشح أيضا. وصلى المتظاهرون الجمعة في ميدان التحرير، حيث أمَّهم الشيخ خالد المراكبي وهو من جماعة دينية إصلاحية معتدلة ليست لها أي اتجاهات سياسية وتدعو إلى نبذ البدع والخرافات. وكان المتظاهرون بدؤوا في التوافد منذ الثامنة صباحا إلى ميدان التحرير، حيث أقام الجيش حواجز لتفتيش الداخلين إلى الساحة تفتيشا دقيقا. كما شكل المتظاهرون لجانا أقامت نحو ستة أو سبعة حواجز لمنع دخول أي متسللين مسلحين، بحسب ما قال أعضاء هذه اللجان. وتمركز الجيش أيضا في ميدان الجلاء الذي يبعد أكثر من كيلو متر عن ميدان التحرير حيث أغلق الطريق أمام حركة سير السيارات سامحا فقط بعبور المشاة. إلى ذلك، قال أحد قادة المتظاهرين الموالين لمبارك طالبا عدم ذكر اسمه: إنهم سيكتفون بالتجمع في ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين ولن يتوجهوا إلى ميدان التحرير. ولم يشاهد سوى عشرات من مؤيدي مبارك في منطقة قريبة من ميدان التحرير عند كوبري 6 اكتوبر، حيث أقام الجيش منطقة عازلة لمسافة 150 مترا تقريبا انتشرت فيها نحو عشر مصفحات ودبابات. وعشية “جمعة الرحيل”، أوقف سبعة من قيادات المحتجين في ميدان التحرير بعد زيارة قاموا بها للمعارض المصري البارز محمد البرادعي. وقال نائب الرئيس المصري في مقابلة مع التلفزيون المصري: إنه بدأ حوارا مع أحزاب معارضة وشخصيات سياسية، مؤكدا أن الحوار سيشمل الأخوان المسلمين ولكنه لم يوضح أن كانت الدعوة وجهت إلى البرادعي أم لا. من جهته، نفى محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حدوث مفاوضات بين ممثلين عن المتظاهرين في ميدان التحرير ونائب رئيس الجمهورية المصري عمر سليمان قائلا: لم تحدث مثل هذه الاتصالات، كلها عمليات لتطويق المعارضة، بحسب ما جاء في اتصال هاتفي للبرادعي مع قناة “الجزيرة” أمس. وشدد البرادعي على أنه ليس جزءا من أي حزب، وقال: أعبر عن ضمير الشعب المصري. واقترح أن تكون هناك فترة انتقالية لمدة سنة تدير فيها الحكومة الحالية الأمور في مصر بعد أن يعلن الرئيس مبارك تنحيه عن السلطة وتهيء لإجراء انتخابات في هذه الفترة في ظل رقابة دولية ولجنة قضائية مستقلة، وتوقع أن تتسع نقاط الوفاق بين أطراف المعارضة المصرية بعد أن يعلن الرئيس تنحيه. وأشار البرادعي إلى أنه اجتمع الخميس مع ممثلي كافة المعتصمين في ميدان التحرير وأن عددا منهم اعتقل عقب الالتقاء به. ورأى البرادعي أن مخاوف مبارك من حدوث فوضى بعد تنحيه “كلام يفتقد للمنطق”، وقال: إن مصر ستواجه نفس الحالة التي يخشاها الرئيس عند انتهاء مدة رئاسته بعد نحو ستة أشهر.