يمعن المرء في انتقاد غيره والبحث عن المثالب فيه وتجاهل الجميل من المناقب المشرفّة وهي طبيعة مقيتة تعدّ سبباً رئيساً في تدهور العلاقات بين الناس..على مستوى الحياة الأسريّة والاجتماعيّة والعمليّة، والإنسان بطبعه يحبّ المديح (يهوى المديح مقصّرٌ..ومبرّزٌ) وليس من المطلوب تجاهل قول كلمة الحق وإبداء النصح للناس أو استرعاء انتباههم غير أن في الأسلوب المتّبع في تقديم النصيحة دورا بالغ التأثير في نفس المتلقّي.. وعليك بتغيير الزاوية التي تعكس المنظور الذي يربطك بمن حولك..وسوف تلتمس الأعذار لهم ولن تؤذي مشاعرهم.. أما الأمر الأكثر ضرراً على نفس الآخر فهو كشف عيوبه أمام الغير مهما كان هذا الغير قريباً من الاثنين ، فالمرء بطبعه قد يقبل من أحدهم-إن كان صديقاً أو زوجاً مقرّباً أو زميل عمل أو مديرا- لكنه يرفضه ويجابهه إن كان أمام الغير، وسيّد الخلق رجل العلاقات العامّة الأول في التاريخ سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام علّمنا ذلك (ما بال أقوام..) إذ يبتعد عليه السلام عن مواجهة الناس بالعيوب والتورية في نصحهم وهو الموجّه وحقه أن يفعل ما يشاء ، والدروس في تعامله عليه السلام مع الآخرين حتى أعدائه كانت مضرب المثل في دراسة العلاقات العامّة الحديثة..فكيف يغيب عنّا التعامل على هدي من هذه القدوة الشريفة؟! إن الاختلاف سنة البشريّة فطرهم الله عليها بيد أنه لا ينبغي أن يفسد للودّ قضيّة إلا عندنا في الشرق فهو يخبّت القلوب..لأنّنا لم نتعلّم ثقافة الاختلاف إذ أنّ من لا يوافقنا في الرأي هو ضدّنا أو يكرهنا ، ومن النصائح المجرّبة لتطوير العلاقات العامّة : • أن تحسن القول وتجيد الإنصات عند الحوار مع الآخر، فلا تبدأه بما يشينه أو لا يحب سماعه أو يختلف معك عليه بل ابدأ بالطيّب الحسن أو المتفق عليه..وسوف تهيّئه للإنصات لك وإكمال (عناصر الاتصال) معك وتحقيق (هدفك الاتصالي) لأنه حينها سوف يستمع إليك في الجانب الآخر (الانتقادي) بصدر أكثر رحابة وانفتاحا..وهذا الأسلوب في العلاقات ينجح في البيت مع الأسرة وفي العمل مع الموظّفين وفي المفاوضات والاجتماعات الرسميّة وكذلك مع الأصحاب..وسوف تجني ثماره علاقات متميّزة. • حاول أن تبتسم وأنت تتكلّم واهتم بلغة جسدك ونبرات صوتك وحركاتك ، إذ أنها تشكّل أعلى نسبة في (نجاح اتصالك) بالآخرين أكثر من مضمون ما ستقول (الرسالة الاتصاليّة). • والغريب في الأمر أن المتضرّرين من الآخرين في التعامل معهم ويشتكون من أسلوبهم الحاد في النقاش وكثرة الانتقاد والانفعال هم أنفسهم يقعون في مثل هذه الأخطاء ويكرّرونها مع غيرهم ، لذلك احرص على ألاّ تكون حادّاً في الحوار أو طرح الرأي وانتبه لنبرات صوتك..وخذ نفساً عميقاً كلّما شعرت بقرب انفعالك.. • وحتى نحقّق اتصالاً ناجحاً فاعلاً مع من حولنا ، وحتى لو لم نكسبهم كأصدقاء فلا نحوّلهم على الأقل إلى أعداء.. وحتى يتحقّق ذلك لابد أن نسعى لتحسين الصورة الذهنيّة التي يحملها الآخرون عنّا (أو الناتج النهائي للانطباعات الذاتيّة التي تتكوّن عند الأفراد عنّا) ، ولذلك كان من المهم الاهتمام بأوّل اللقاء وختامه لتلميع الصورة وترسيخ الانطباع الجيّد عند من نقابله..لأن ذلك يعمل على محو الأخطاء التي ارتكبناها خلال الحديث.. • ابتسم أكثر ممّا تتجهّم..واضحك مع الآخرين أكثر مما تضحك منهم أو عليهم..لأن ذلك سوف يؤثّر عليك إيجابيّاً من ناحية ويترك انطباعاً جيّداً عندهم ويجعلهم أكثر تجاوباً معك وتقبّلاً لحديثك..واستجابة لرسالتك الاتصاليّة من ناحية أخرى. • راع الحالة النفسيّة للآخر إذا ما أردت الحديث معه في أمور لا يستسيغها..واختر الوقت الملائم للانتقاد أو الملاحظات واجعلها موضوعيّة وليست جارحة ، وقدّم لذلك بتوطئة المديح وذكر المحاسن كما ذكرت من قبل حتى تمهّد لحديثك. دوحة الشعر : ولم أر أمثال الرجال تفاوتت لدى المجد حتى عُدّ ألفٌ بواحد