أربعمائة وخمسة وعشرون يوما من هذا اليوم الذي أخط فيه حروفي مرت على الأمر السامي الكريم الذي أصدره الملك العادل والقلب الرحيم مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه وأعاده إلينا سالما معافى بإذنه تعالى – للتحقيق في كارثة جدة وغرقها المفجع يوم التروية من الشهر الثاني عشر لعام 1430 ه , وذلك عبر لجنة ضمت من بينها وزراء ونواب وزراء , بل أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بسرعة الرفع له بالنتائج التي تتوصل إليها , وكانت برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة , بل وأكد خادم الحرمين الشريفين بأن يد العدالة سوف تطال كل عابث يثبت أن له يدا فيما حصل , بل وسيضرب بيد من حديد على يد كل عابث تثبت ادانته , وفوق ذلك كله أمر حفظه الله بصرف المبالغ اللازمة لسد حاجة المتضررين وإيوائهم , بل والبدء فورا بالعلاج عبر مشرط جراح ماهر لئلا تتكرر المأساة ثانية . لكن الذئب بقي وفنيت الغنم , فتكررت المأساة بنفس النسخة الكربونية قبل أربعمائة يوم وذلك من خلال الأربعاء الأسود , بل ورأينا مناظر يندى لها جبين كل غيور , بل كانت أسوأ بكثير من العام الماضي , ولا زالت جدة وأهلها في عداد المنكوبين , بل واحتجز الناس من رجال وأطفال ونساء في بيوتهم ومدارسهم ومؤسساتهم حتى اللحظة . ولأن الكثير كتب وسوف يكتب حتى يتم علاج المأساة فإنني لا زلت أسأل ثلاثة أسئلة فقط , الأول يقول : ما ذا كانت نتائج اللجنة المشكلة ومن كان المتسبب في كل ما حصل , وما ذا تم بشأنه ؟؟ السؤال الثاني والمهم يقول : أين ذهبت المليارات التي صرفت في جدة دون غيرها وبحالة استثنائية لتصريف مياه الأمطار والسيول خلال عدد من الأمناء الذين تعاقبوا على أمانة جدة منذ نشأتها ؟؟ بل وأين كانت تصرف ؟ بل أمعن في القول وأقول بكل صراحة إذا كانت جدة لا زالت تغرق فمن استنزف تلك الأموال وبددها في غير مواضعها التي قرر صرفها من أجلها ؟؟ ومتى سيتم عقابه ؟؟ وكيف الطريقة ؟ ثم أمر آخر وهو من المسؤول عن الترخيص بالبناء في بطون الأودية والمثل الشعبي يقول : واد جرى لا بد أن يجري طال الزمن أو قصر , يعني أن بطون الأودية محرم البناء فيها لأنها سوف تجري في يوم من الأيام , بل لا يمكن التهاون بها , ثم أخشى أن تتكرر المأساة ثانية بمنح رخص للبناء في بطون الأودية بعد كل ما جرى , وهذا هو الأمر الخطير لا سيما وأنه بنظرة من خلال قوقل إيرث سوف ترى بطون الأودية ظاهرة للعيان . وختاما فإن جدة ليست هي الرياض أو القصيم من خلال موقعها الجغرافي يصعب تصريف المياه التي تسببها الأمطار فيها , وتحتاج إلى بحيرات صناعية , والسبب كما يقول إبني الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات حينما رأى أمس على شاشة التلفزيون امرأة مسنة في بيتها قد غطى الماء نصفها السفلي وهي بعباءتها متدثرة وبجوارها خادمتها تحمل طفلا صغير هربا من الطوفان , فقال ابني وهو يشاهدها : لماذا يا والدي لا يوجه المطر في جدة إلى البحر مباشرة وتنتهي المشكلة !! ومن هنا أجاريه بنفس السؤال الطولي وأقول : بربكم ماذا لو تم تكليف عدة مقاولين من لحظة الأمر الملكي في العام قبل الماضي بتشكيل اللجنة التي أشرت اليها واختاروا أهم خمسة شوارع هامة تخترق جدة من الشرق الى الغرب وتم حفرها من أقصى جدة شرقا إلى البحر مباشرة على شكل أنفاق مكشوفة لا يهم سقفها في الوقت الحاضر , بل المهم أن تجري فيها المياه من الشرق باتجاه البحر بل ويصب فيها كل مجرى عرضي يأتي من الشمال الى الجنوب ,فنكون ضحينا بخمسة شوارع وأنقذنا أمة كاملة بدلا من تكرار المأساة ونحن ندرس الحلول عبر لجان تحتاج إلى لجان , بل ولجان اللجان تحتاج إلى لجان !!! أسعد الله أوقاتكم