لقد صدر يوم الأربعاء في جريدة “المدينة” خبر عن قسوة الأب، ولقد آلمني ذلك، وواجبي أن أبدي رأيي حينما يتبدل الحب إلى سراب، والرحمة إلى عذاب، ويصبح القلب الذي ينبض بالعاطفة حجرًا أصمَّ لا نفع منه سوى أنه عبء ووجوده محسوب بلا فائدة بالوجود، هذا ما حصل مع والد الطفل الذي أحرق ابنه فلذة كبدة بسبب نعاني منه كثيرًا كأمهات، وهو طبيعي بنسبة كبيرة بين الأطفال حتى سن معينة. إذا لم نصبر على مَن كنا سبب وجودهم في الدنيا بإرادة الله، ونحن لهم الحضن الدافئ، ونحن لهم السكن والأمان.. فمَن يصبر؟! إذا سمع الوالد المحب، والأم الحنون صوت بكاء طفله إن كان جائعًا أو مريضًا لم يتذوقا طعم النوم والراحة. فكيف مَن كان وجوده في حياة أبنائه سبب شقائهم؟ لقد آلمني ما حدث ووالله إنني أكتب وأبكي كلّما أنظر إلى طفلي ذي الأربع سنوات، وأتذكّر ذلك الطفل الصغير الذي لم يكن ذنبه سوى أنه طفل، والذنب الأعظم الذي ليس ذنبه أنه ضحية طلاق، حُرم من عطف الأم، وابتُلى بقسوة الأب الذي لا أدري أين كان عقله وقلبه من ذلك الجرم الذي -والله- لن ينساه ضحيتك؟ أتعجب كثيرًا حينما يتذكّر طفلي مواقف طريفة مرت، وكنت أقول ما شاء الله لم ينسَ رغم صغر سنه، فكيف بطفلك وقد ذاق الخوف والرعب والألم والقسوة والحرمان؟! والله لسوف تُسأل عنه وتُحاسب، وأتمنى أن ترى عاقبة فعلك في الدنيا قبل الآخرة. أمّا تدخل جمعية حقوق الأنسان فأتمنى أن تأخذوا حق هذا الضحية من المعتدي، أتمنى أن تعوضوه عن كل لحظة ألم.. كل لحظة ترقب للعذاب.. كل نظرة خوف.. أتمنى أن يعوض عن كل يوم نزلت فيه دمعة بدون حق.. عن كل يوم تمنى أن لو لم يكن في هذه الدنيا. أتمنى من أصحاب الشأن أن يُحرم هذا المجرم من ولده -عفوًا ضحيته- وأن يعيش تحت رحمة أمه، وإلاّ فأنا أمد يدي له وأرحب به في بيتي وقلبي ويسكن روحي. كثيرون هم ضحايا طلاق الوالدين، كثيرون هم الذين يذوقون اليتم وآباؤهم أحياء.. أسألكم بالله: ألا يجب أن نقف وقفة حازمة، ونصارح أنفسنا: إلى متى يخرّج المجتمع شبانًا وفتياتِ محطمين، وهادمين، وغير سويين، رغمًا عنهم، إنما هم ضحايا الشقاق!! نوال أحمد القحطاني - الرياض