ما يميز المملكة العربية السعودية ، ككيان عظيم له ثقله على جميع المستويات الإقليمية والدولية وغيرها ، أنها لم تستعمر من قبل ، ولله الحمد والمنة ، ولم تكن هذه الدولة نتاج انقلابات أو ثورات أو صراعات أو زعامات أتت على ظهور دبابات المستعمر بل دولة تم توحيدها من قبل أسرة مالكة كريمة على يد الموحد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- الذي استطاع بحنكته وبعد نظره أن يلم شمل جميع القبائل العربية التي تقطن هذه الجزيرة العربية المترامية الأطراف، وجميع العرقيات ، والطوائف الدينية والمذهبية وغيرها وصهرها في بوتقة واحده آمنة مطمئنة اسمها المملكة العربية السعودية. بناء الأوطان وتوحيدها ولم شملها ، أيها القارئ الكريم ، ليس بالأمر السهل وبالبساطة التي يتصورها أي كائن من كان , فالبناء يحتاج إلى رجال مخلصين وتضحيات ، وجهود جبارة وعرق ودم في حين أن البساطة والسهولة تكمن في الهدم وتدمير الأوطان وتمزيق الشعوب من خلال المؤامرات والدسائس والفتن ، وتنفيذ أجندات خارجية لها أطماع في الأوطان من قبل طابور خامس يعشق المناصب والكراسي والزعامات وحب الفتن وإراقة دماء الأبرياء والتضحية بهم والمشي فوق جماجمهم من أجل مكاسب ومصالح شخصية. زعامات أتت ، نتيجة لإفرازات معارضات وفتن ومآس وانقلابات وثورات ، لا يمكن أن توليها ولا على حظائر أغنام بعنجهيتهم وتغطرسهم ونظرياتهم المزعومة يديرون دولا بوليسية وزبانية وزوار فجر ، وفي المقابل تجد بناة دول حكاما يفتحون قلوبهم ومجالسهم للرعية لتلمس احتياجاتهم وقضائها والبت فيها بل وينزلون إلى الشارع لكي يروا بأم أعينهم أحوال الرعية ، يتقبلون النقد البناء بل يوجهون بعدم مصادرته. نحن هنا لا نجامل ولا ننافق ، والعياذ بالله ، بل نحن فخورون بوطننا وبولاة أمرنا وبمجتمعنا ندافع عنه ونحميه ونعشقه ونخلص له ونبنيه بكل ما أعطينا من قوة وعزيمة , فالوطن مهما جار علينا يظل عزيزا علينا إلى الأبد. أبا متعب والدنا وحبيبنا وملكنا أكمل هذه المسيرة الراقية المتحضرة لمجتمعنا واستطاع خلال سنوات قليلة أن ينهض بهذا الكيان العظيم ، وأن يجعل له مكانة ورفعة بين شعوب وبلدان العالم النامي والأكثر نموا وتقدما من سياسة خارجية متزنة وثابتة قائمة على احترام الغير وعدم التدخل في شؤونه ، إلى سياسة اقتصادية ناجحة ترتكز على تنويع مصادر الدخل من خلال بناء المدن الصناعية والاقتصادية في مناطق المملكة المختلفة من أجل خلق فرص عمل للمواطنين ، وكذلك مراكز المال والاستثمار ، والتركيز على دعم البنى التحتية وتحديثها ، وصناديق الإقراض التنموية إلى غيرها من المشاريع الاقتصادية الناجحة . إلى سياسة تعليمية ناجحة من خلال تطوير التعليم العام ، ورفع أعداد الجامعات والكليات وتوزيعها توزيعا اعتداليا في جميع مناطق المملكة بدلا من تكديسها في المدن الكبرى وحرمان المناطق الأخرى منها ، وهذا يخدم بشكل جلي جميع مناطق المملكة ، وانه ليس حكرا على المدن الكبيرة ، وأنه ليس هناك فرقا بين الرياض في الوسط وجازان في الجنوب بل إن هذه السياسة الحكيمة تحد من الهجرة من الأرياف والمناطق الأخرى إلى المدن الرئيسة في مكة والدمام والرياض وتصبح الهجرة عكسية من المدن إلى القرى والأرياف . إلى سياسة الابتعاث ، التي يفخر بها كل مواطن , وإرسال أبنائنا إلى الخارج لأعرق الجامعات في العالم وصلت أعدادهم إلى قرابة المائة ألف طالب وطالبة , إنه بالفعل الاستثمار الحقيقي من قبل ملك عرف كيف يستثمر في أبنائه , فمهما أنفق عليهم من مبالغ ليس بخسارة لأن على أكتاف أبنائنا ، بمشيئة الله ، سوف نستمر ببناء دولتنا الفتية على أسس علمية حضارية متقدمة ،إلى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لربط المملكة بالمستجدات العلمية والتقنية والثورة المعلوماتية في الشرق والغرب . كيان عظيم وبلد حضاري راق بتعامله مع جميع دول العالم جعلت له مكانة اقتصادية أهلته إلى أن يحجز له مكانا بين مجموعة العشرين الاقتصادية في العالم . بلد يساعد جميع دول العالم ويهب لإغاثة المنكوبين في أثناء الكوارث الطبيعية والأخرى التي من صنع الإنسان كالحروب وغيرها . بلد لديه سلعة ناضبة اسمها البترول ومع ذلك لا يبخل على دول العالم النامية والأقل نموا والمتقدمة أيضا وذلك بتوفير هذه السلعة بأسعار ميسورة حتى يستفيد وينعم بها بقية المجتمعات الأخرى . هذه هي المملكة العربية السعودية مملكة عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وأسبغ عليه نعمة الصحة والعافية وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حفظهم الله جميعا . بلد يمد يده لمساعدة الآخرين والتوسط بين الأشقاء لإنهاء خلافاتهم غير المبررة البتة ومع ذلك هناك من يزايد ويريد أن يفشل أي مجهودات ووساطة تقوم بها المملكة آخرها في لبنان ، لان هناك جهات خارجية مازالت لا تتمنى للبنان الخير والعيش بأمن واستقرار في هذا البلد الممزق سياسيا ، والذي لعبت المملكة دورا كبيرا في إرجاعه إلى سابق عهده يحتضن جميع الفرقاء دون استثناء ودون تهميش لأحد من خلال «اتفاق الطائف» . فالمملكة ولو أنه واجب عليها مساعدة الآخرين والتوسط بينهم بكل حيادية إلا أن لها فضلا كبيرا على لبنان وأهل لبنان لا ينكرها إلا جاحد وحاسد ، فالمملكة ليست لها نوايا سيئة أو أطماع في لبنان أو أية دولة عربية أخرى أو مسلمة ولكن يهمها ، كدولة عصرية ذات سيادة وسياسة حكيمة ثابتة ، أن ترى أشقاءها في لبنان يعيشون في محبة وسلام وأمن واطمئنان مثلهم مثل بقية شعوب الأرض ، فلبنان بلد ديمقراطي عليه أن يحتكم إلى مجلسه النيابي المنتخب وليس الاحتكام إلى جهات خارجية لها أطماع قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى. لبنان هذا البلد المسالم كل يريد أن يضع له موطئ قدم فيه بعد أن درسوه دراسة جيدة ووجدوا أن أسهل طريقة لتدميره هي بإثارة النعرات الدينية والمذهبية والعرقية حيث لم يكتفوا في العراق بعد أن دمروه وجعلوه يدور في الفلك الإيراني الفارسي وليس المذهبي بل يبدو أن قافلة المدمرين مازالت تسير في طرق ممهدة حتى تصل إلى مبتغاها بالسيطرة على لبنان وجعله يدور في فلك الطائفية الدينية والمذهبية البغيضة والتي دائما تستخدم في الواجهة في حين أن الهدف واضح ألا وهو إحياء حضارة الفرس المنقرضة. نعود لحبيبنا أبي متعب بعد أن من الله عليه بالشفاء لنرحب به في بلده وبين ناسه وأبنائه وبناته ونقول له حللت أهلا ووطئت سهلا وأطال الله في عمرك لكي ترى كيف أن انجازاتك تشهد لك بأنك قائد وطني عربي أصيل عرفت كيف توظف ثروة بلدك التوظيف الأمثل لكي ينعم بها شعبك ، فحمدا لله على سلامتك وما تشوف شر يا أبا الجميع حفظك الله من كل مكروه. [email protected]