رصيده 25 مسرحية و173 فيلما وأكثر من 50 جائزة.. ولا يزال يناضل في صناعة الدراما.. الفنان محمود ياسين يؤكد أنه لا يزال لديه الكثير ولا يزال الكثيرون يذكرونه بأدوار فتى الشاشة.. ومهما كان دوره قصيرًا في أفلام هذه الأيام إلا أن بصمته تظل واضحة.. كان مهرجان الإعلام العربي مناسبة لاسترجاع جانب من عطائه، لكن المفاجأة هذا الكم من الوجع والحزن داخله على أوضاع السينما والمسرح الآن، ففي الوقت الذى بدأت فيه أمريكا صناعة السينما كانت موجودة في مصر قبلها بعشر سنوات، وسبقتنا دول أوروبا باستثناء إنجلترا وفرنسا وإيطاليا، وكان قطاع السينما فى يد الدولة وليس فى يد الأفراد، وبعدها دخلنا مرحلة الاقتصاد الحر، فتخلّت الدولة عن جميع أدوات وآليات الصناعة، وتركت كل الأصول الرأسمالية الضخمة في يد الأفراد.. * لماذا تغيّرت السينما الآن عن أيام زمان؟ ** أجاب بحزن عميق: قبل أن نتحدث عن السينما أو نقول زمان كانت بمذاق وبمستوى معين والآن أصبحت بمذاق ومستوى آخر، لابد أن نعرف أولًا “هيّ فين السينما؟”، وهذا لا يعني أنها ليست موجودة ولكن بمعنى من المسؤول عن إنتاجها ومن الذى يصنعها الآن، وهي الصناعة التي لم تعد موجودة في وقتنا الحالي. تأخرنا جدًا * ربما وصل الأمر إلى ما هو أفدح من ذلك.. وصل إلى حد شراء تراثنا السينمائي.. كيف ترى الأمر؟ ** غياب دور الدولة ومتاهة الاقتصاد الحر كما سبق أن أوضحت هما السبب في ذلك، ونحن تأخرنا جدًا، فالأفلام تتم “سرقتها وتهريبها” بطرق غير مشروعة بمجرد نزع بكرات الفيلم ووضعها فى جيب القميص، الفيلم تمت سرقته بدون أن يشعر واحد ويتم عرضه على كل القنوات.. فالسينما سُرقت. * لننتقل إلى النوعية ونتساءل: لماذا تُصنّف الروايات الأدبية على أنها أفلام مهرجانات؟ ** السينما لها مصنف.. ليس لها علاقة بالروايات الأدبية الكبيرة، مثلًا روايات نجيب محفوظ إذا تم تحويلها إلى فيلم من الممكن أن تكون بلهاء وليس لها قيمة، لذلك كان دائما يقول لا تسألوني عن الفيلم ولكن اسألوني عن الرواية، ولكن هذا لا يمنع أن هناك كثيرين قادرون على تحويل روايات نجيب محفوظ إلى أفلام بشكل رائع. لماذا نحرم الأجيال * قمت ببطولة فيلم “نحن لا نزرع الشوك” وتم تحويله إلى مسلسل.. هل ترى أن هذا النوع هو نوع من الإفلاس الدرامي؟. ** أنا لست مع هذا الرأي.. وأرى أن من يهتمون أو يصفون هذا الإفلاس ينسون شيئًا مهمًا جدًا وهو أن من حق الأجيال الجديدة أن تتعرّف على التراث وتنظر وتتأمل وتعيد التشكيل وتراجع التصورات بعمق وبإيقاع مختلف ووعي وثقافات في زمن مختلف، فكل عشر سنوات يتغيّر تفكير البشر وفق متغيرات المجتمع وثقافته، وهناك مقولة مشهورة هي أنه منذ بدأ الانسان يبدع من أيام الإغريق إلى الآن يتغيّر وطريقة التناول والتصور، فمثلًا رواية “هاملت” لشكسبير نُفّذت آلاف المرات، ولكن الذي يتغيّر هو طريقة التناول، فلماذا نحرم الأجيال من تراثنا؟. وأيضًا مسلسلي “الأيام” لطه حسين.. لماذا لا يتم تكراره مرة أخرى، فهو ليس حكرًا على أحد، والأدب الخالد مُلك لكل الأجيال، فأنا ضد أن نصادر حرية الإبداع وحرمان أجيال من أن يتعاملوا مع التراث الخالد بطريقتهم ووعيهم وتفكيرهم. أزمة المسرح * ننتقل إلى المسرح وتحديدًا المسرح القومي.. كيف تراه الآن؟. ** عندما دخل نظام الاقتصاد الحر، وهو ليس له علاقة بقضايا الثقافة والإبداع، تخلّت الدولة عن المسرح، ونفس السيناريو هو سيناريو متكرر للمسرح القومي وتم القضاء على كل الإبداعات، فهناك 20 سنة مرت على أزمة المسرح وكان لا بد أن نفهم أن حل الأزمة مسؤولية الدولة، فالدولة لا بد أن يكون لها دور في تنمية العقل وثقافة الشعب، فكيف نترك صناعة مثل صناعة السينما وكيف نهمل المسرح!. * خلال مشوارك الفني الطويل حصلت على أكثر من 50 جائزة.. ما هي الجائزة التى تعتز بها؟. ** الكلمة الطيّبة هي أحسن جائزة، وكوني أسمعها من إنسان بسيط اعتبرها جوائز حقيقية. الفنان نظيم شعراوي * وفاة الفنان نظيم شعراوي (أفندينا المسرح) هي دليل على إهمال الدولة للفنان والمثقف، فهل هذا الإهمال أصبح ثقافة يفرضها العصر؟. ** لا أحب التفرقة بين الفنان والمثقف، فالفنان هو المثقف، والفنان المصري لن يتكرر وهو أعظم فنان في التاريخ، وقد حضرت جنازة الفنان نظيم شعراوي أنا والدكتور أشرف زكي، والراحل كان يعاني من المرض لفترة طويلة، وأصبحنا الآن نعيش في عصر الموبايل والإنترنت ورسائل “الإس أم إس”، فلم يعد هناك زيارات منزلية مثل زمان بسبب الازدحام، ولكن الفنانين المصريين يجتمعون دائما في السراء والضراء. انتبهوا ايها السادة * أخيرًا.. لمن تقول “انتبهوا أيها السادة”؟. ** أقولها للناس.. لا بد أن ينتبه الناس من مشاعرهم، فمن الممكن أن تسىء أو توصل أشياء غير مفهومة وأنت لا تقصد.