في خضم العمل الإداري بالمدارس وخصوصًا المرحلة المتوسطة والثانوية، قد تنعدم تمامًا لأيام بل لأسابيع طويلة فرص أخذ قسط من الراحة المستحقة وأقصد وقت (الفسحة) للإداريات وخصوصًا المديرة والكاتبة، حيث يظل العمل يتواصل بلا انقطاع ما بين ورق وانترنت ومشاكل الطالبات والمعلمات والاجتماعات.. إلخ، حتى تنسى الإدارية نفسها تمامًا وتفاجأ بأن الساعة أوشكت على الواحدة وهي لم تضع شيئًا في معدتها من أول ساعة في الدوام! وإن حالفها الحظ قد تضع لها (لقمة) في فمها وهي ترد على هاتف المدرسة أو تسلم الورقة الفلانية للمعلمة الفلانية أو تقف أمام آلة التصوير.. وتمضغها وهي تتحرك هنا وهناك، وكأنها تحلف على نفسها أن تحرق سعراتها الحرارية قبل أن تجلس! بل وقد تُهاجم الإدارية بمدافع تهم الإهمال لو جلست على كرسيها حتى (تفطر)، كباقي الخلق فهي بذلك تضيع وقت العمل في (كلام فارغ) وهو الفطور الذي هو حلال على غيرها من باقي طاقم المدرسة من مستخدمات ومعلمات وطالبات وحرام عليها أن تهدره هي، حتى تكمل مسيرة اليوم العملي دون أن تشعر (بالدوخة) والصداع الذي يصيبها من كثرة الإعياء. تُصَف (الموائد) في غرف المعلمات في وقت الفسحة، وهو جائز بالطبع، إنما المُستغرب هو جلوس الإدارية بالتحديد على هذه المائدة أو حتى إمساك (الساندويتش) والعصير لإسكات (عصافير بطنها) التي تظل تزقزق وتصوصو حتى تصل إلى عتبة باب بيتها للثلاجة فورًا! وأنا أؤيد هذا الاجتماع المبسط ذو الدقائق القليلة، ليس فقط لكسب طاقة لإكمال مسيرة اليوم العملي إنما لأن هذا الاجتماع يقوي الأواصر الأخوية بين الموظفات ويزيد من الفسحة المعنوية لهن ويساعد في التعارف أكثر على بعض الشخصيات بل وحل بعض المشاكل أحيانًا وإزالة الضغائن ومناقشة بعض الأمور العملية والحياتية اليومية وتبادل المعلومات. وهذه الإدارية سواء المديرة أو المساعدة أو الكاتبة ما هي إلا بشر كباقي البشر .. بالفطرة.. يشعرن بالجوع والعطش، لا يضر أن يحظين بربع ساعة فقط في اليوم الدراسي أو حتى أقل وليس كبقية منسوبات المدرسة، فقط ليحصلن على الطاقة التي فعلًا يحتجن إليها لإكمال يومًا مليئًا بفروض العمل الإدارية والإشرافية المهمة والمتعبة جدًا. لينة عباس - جدة