لم تقف تجربة الدكتور سلطان القحطاني الإعلامية عند حد تقديم عدد من البرامج الثقافية والأدبية عبر أثير إذاعة الرياض متنوعة، حيث قدم مؤخرًا مسلسل “ثمن التضحية” وهي رواية حامد دمنهوري، وذلك بالتعاون مع إذاعة صوت العرب من مصر، وتدور أحداث المسلسل في فترة الأربعينيات وبداية الخمسينيات، حيث يعرض الحياة المكّية في هذه الفترة، وما صاحبها من عادات وسياسات وطبائع مهمة تهم المواطن العربي أن يتعرّف عليها، كما أن المسلسل يعرض مواقف تاريخية مهمة في حياة العرب مثل: تأسيس جامعة الدول العربية، والحرب العالمية الثانية، ومظاهرات الاستقلال التي عمت الدول العربية والإسلامية التي وقعت تحت وطأة الاحتلال، وحرب فلسطين وقيام ثورة يوليو، كما يعرض المسلسل العلاقات السعودية المصرية القديمة وأهم ما طرأ عليها من زيارات متبادلة بين زعماء الدولتين لتعزيز أركان الوحدة العربية. كما يعرض المسلسل الإذاعي قصة طالب سعودي (يجسّد شخصيته في المسلسل الفنان الشاب أحمد نجل الفنان المصري صلاح السعدني) ويقر إكمال تعليمه في مصر ويرتبط بابنة عمه في مكة وعندما يأتي إلى القاهرة لدراسة الطب يجد مناخًا مختلفًا عن بيئته التي يعيش فيها ويقر الارتباط بتلك الفتاة ناسيًا ابنة عمه. وللوقوف أكثر على هذه التجربة التي قدمها القحطاني للمستمعين فإن حوارنا يناقش كثير الأمور حول هذا الموضوع متعلقة بالصعوبات التي واجهت العمل، ونظرته إلى الرواية من الناحية الفنية، ومدى إجادة الممثلين للأدوار التي أسندت إلىهم، فإلى تفاصيل الحوار: عناصر درامية * لماذا اخترت رواية “ثمن التضحية” تحديدًا لتكون مسلسلًا إذاعيًا؟ - أولا، هذا مشروع بدأت فكرته من الأستاذ سعد الجريس، مدير عام إذاعة الرياض، بعد أن قرأ روايتي (سوق الحميدية) ووجد فيها العناصر الدرامية التي تصلح أن تكون مسلسلة إذاعية، وهو بالمناسبة قبل كل شيء مخرج إذاعي، وبعد نجاح العمل من إنتاج إذاعة الرياض 2008، فكرنا في تحويل الروايات السعودية التي توجد فيها العناصر الدرامية الأساسية، وأوكل إلى هذا المشروع، من حيث الاختيار والتنفيذ، وكانت رواية حامد دمنهوري (ثمن التضحية) مناسبة لهذا المشروع، من عدة وجوه (الأول: أنها تناسب المشروع، الذي يقوم على التعاون بين الإذاعات العربية، فالبطل يقضي زمن الرواية بين مكةوالقاهرة، فاتفقنا مع صوت العرب لتنفيذ العمل، وفعلًا نفذناه مناصفة بين الإذاعتين، وصدرت الشارة الإذاعية بين صوت العرب وإذاعة الرياض. ثانيًا، نحن نهدف من خلال هذا المشروع لنشر الثقافة العربية المكتوبة إلى مسموعة، إذا توفر عمل يجمع قطرين عربيين)، وهناك أعمال في الطريق بين إذاعة الرياض وبقية البلاد العربية، بإذن الله. * ولماذا وقع الاختيار على الإذاعة تحديدًا لتنفيذ العمل؟ - من خلال التجربة الأولى والثانية، وجدنا إقبالًا لم نكن نتوقعه، سواء من داخل السعودية أو من خارجها، وهذا شجعنا على مواصلة المشروع، فالاستماع لم ينقطع، بل زاد في السنوات الأخيرة أضعاف ما كان عليه. تجاوز الصعوبات * ما الصعوبات التي واجهتكم في تنفيذ العمل؟ - لا بد أن يكون هناك بعض الصعوبات، منها موافقة ورثة المؤلف، ومنها اختيار الممثلين المناسبين للعمل، لكننا تغلبنا عليها بفضل الله، ثم بفضل حماس المسؤولين وعلى رأسهم وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد مدني الذي تابع العمل الأول وأمر باستمرار المشروع لتحويل الرواية السعودية إلى مسلسل إذاعي، ثم سرعة تجاوب الدكتور عبدالعزيز خوجة، في الموافقة على تنفيذ العمل الثاني، ونحن في طريقنا إلى العمل الثالث، وقد استفدنا من بعض الأخطاء في العمل الثاني الذي اشترك فيه مجموعة من الممثلين السعوديين والمصريين. * برأيك.. هل وجدت الرواية حقها من النقد والاهتمام؟ - في الحقيقة، لم يكن النقد والمتابعة على مستوى طموحاتنا، لكنها وجدت احتفالية في بداية التنفيذ في استوديوهات صوت العرب، وبعد خروجها، وكنا نتوقع أن يثار حولها نقاش أعمق. * ما الذي تمثله الرواية من الناحية الفنية في مسيرة الرواية السعودية؟ - إذا كنت تعني (ثمن التضحية) فهي الرواية الأولى التي حولت مسار الرواية السعودية من التعليمية إلى الفنية في مرحلة الرواية السعودية الثانية، وإذا كنت تقصد تحويلها إلى دراما إذاعية فقد نجحت بما توفر فيها من الدراما، ولكن ما يمكن أن يقرأ غير الذي يسمع بنسب متفاوتة، مع بقاء عمود الرواية الأساسي، والشخوص الرئيسيين، يضاف إلى ذلك المواقف الدرامية والإخراج. * هل واجهتم مشكلة في تحول نص الرواية إلى نص درامي حواري؟ - ليس هناك مشكلة تذكر عندما يتولى العمل معد متمكن من رسم السيناريو، ثم الحوار الذي يبنى عليه، والمؤثرات التي تصاحب المسامع الدرامية والإلقاء. حماس كبير * كيف كان استقبال ممثلي العمل للفكرة، واندماجهم مع موضوع الرواية، وما مدى إجادتهم للأدوار؟ - كان استقبال الممثلين فوق ما كنا نتصور، فقد كان حماسهم منقطع النظير، بحيث ان بعضهم طلب أن يعمل بدون أجر، مقابل كسب الخبرة أمام نجوم الدراما من السعوديين والمصريين، وقد أجادوا أدوارهم بجدارة، رغم سرعة إنجاز العمل في عشرة ايام، أي بمعدل ثلاث حلقات في اليوم، على مدى عشر ساعات تسجيل كل يوم، من بعد منتصف النهار إلى منتصف الليل. تغيير مفاجئ * حدثت مشكلة في تحويل اسم المسلسل من قبل المصريين ونالوا به جائزة.. ما تفاصيل الحادثة؟ - كان الاسم الثاني مقترحًا من قبل مخرج العمل أحمد فتح الله، ولم أوافق على هذا التغيير، للأسباب التالية: أولًا، العمل رواية صدرت منذ 1959، وثانيًا، حق الورثة مضمون باسم الرواية، وثالثًا، ليس للاسم المقترح داع، فلم يوجد في الحوار الروائي كلمة تدل عليه، ورابعًا، موافقة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة على ثمن التضحية، فكيف يغير اسم مسلسل مشترك باسم آخر ليس له داع؟ لكن يبدو لي أن وراء الأمر شيء فعلوه بعد مغادرتي القاهرة، بعد أن اكتمل العمل خطوة بخطوة، ويلامون على ذلك، فنحن شركاء، ليس هدفنا كسب جائزة بقدر الالتزام الأدبي، والأخلاقي. أما الإجراءات القانونية فبيد المسؤولين، وليست بيدي، أنا أجيبكم من الناحية الفعلية والفنية. نشر الثقافة * الرواية تحاكي واقعًا ملموسًا في فترة كتابتها الآن ما الذي يمكن أن تحاكيه الرواية في ظل معطيات الواقع؟ - نحن لا ننظر في مشروعنا الحاضر بعين غير عين الثقافة العربية بين الشعب العربي، نحن ننشر الثقافة بصرف النظر عن المتغيرات الزمانية والمكانية، ولا تزال القيم التي حاكتها الرواية قبل ستين عامًا، هي قيمنا وأخلاقنا وثقافتنا. والتاريخ جزء من الثقافة، ومن حق الأجيال القادمة أن تعرف ما كان يدور في البلاد من خلال مسيرة الآباء والأجداد، وهذا ما نسعى إلىه في برامجنا الثقافية، سواء الدرامية أو الثقافية الحوارية، مثل برنامج (رواد الثقافة)، والبرامج الوثائقية الأخرى * ما الدعم الذي قدمته لكم وزارة الثقافة والإعلام في هذا العمل؟ - الوزارة في هذا العمل أو سواه تقوم بتمويله من خلال مؤسسة فنية تتولى الإنتاج والتنفيذ إلى أن يصل إلى مكتبة الإذاعة. شروط درامية * من واقع تجربتك ما الذي يحول دون تحويل الأعمال الروائية السعودية على كثرتها إلى مسلسلات إذاعية أو تلفزيونية؟ - ليست كل رواية تصلح أن تكون مسلسلة، إذاعية أو تلفزيونية، ولكن هناك الكثير من الروايات التي يمكن أن تكون مسلسلة إذاعية أو تلفزيونية، لكن المشروع الحالي إذاعي، وربما يكون هناك مشروع تلفزيوني في المستقبل، وليس هناك ما يمنع، ونحن نرحب بذلك إذا كان العمل صالحًا، وقد كان لنا تجربة تلفزيونية من خلال مسلسل (خطوات على الجبال) من إنتاج القناة الأولى2003م، عن روايتي (خطوات على جبال اليمن).