لئن كانت الصحراء في نظر البعض ليست سوى مسرح مفتوح بمنظر واحد متكرر لرمل تحتل المساحة، ولا تهب العين أي منظر للبهجة والتنوع في المشهد؛ إلا أن الفنانة التشكيلية حنان الهزاع نظرت إليها بعين الفنانة أولًا لتخرج بكنوز الجمال منها فيما قدمته من أعمال، كما مضت عميقًا بجعلها مادة للبحث والدراسة للحصول على درجة الماجستير، فحول هذه التجربة تقول الهزّاع: كانت دراستي لماجستير آداب التربية الفنية بجامعة الملك سعود وقدمت خلالها مشروع بحثي عن الأساليب الفنية للتعبير عن البيئة الصحراوية في التصوير التشكيلي السعودي. وقد فتحت لي هذه التجربة الطريق لفهم جمالية ما حولنا من عناصر تنتمي لنا وننتمي لها، ومن بين ذلك الصحراء بكل تفاصيلها الجغرافية والفطرية، حيث وقفت على تفاصيل حياة البداوة المادية والمعنوية، وتبينت أنها جميعًا تضفي علينا خصوصية دون بقية الشعوب، وبلا شك فيها من الجمال الكثير لكيلا نتردد لجعلها أحد مصادر الاستلهام في الفن التشكيلي. وتمضي الهزّاع في حديثه كاشفة عن توجهها البحثي لنيل درجة الدكتوراة بقولها/ حاليًا أقوم بإعداد أطروحتي في برنامج الدراسات العليا بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن عن الأساليب الفلسفية والجمالية لمدارس التصوير الإسلامي كمدخل لإثراء التعبير في فن التصوير، وبإذن الله خلال الأشهر المقبلة سأكون قد أنهيت من العمل عليها وأستعد للمناقشة. مسيرة بين الواقعية والتجريد وتعود الفنانة حنان الهزّاع بذاكرتها إلى بداياتها مع الفن التشكيلي وأبرز مشاركاتها والجوائز التي حصلت عليها والأساليب الفنية التي تنتهجها، قائلة: بدايتي الفعلية كانت عبر مشاركتي في معرض الواعدات عام 1419ه الذي نظمته مؤسسة الفن النقي، وحصلت فيها على جائزة المشاركة المتميزة، وقد كانت ذلك دافعًا لي للمضي قدمًا والمشاركة في عدد من المعارض التشكيلية الجماعية في داخل المملكة، ومن بين هذه المشاركات مشاركتي في معرض فنانات الرياض، وكذلك معرض الفنانات التشكيليات خصوصًا آخرها الخامس، أيضًا معرض منتدى الفنانين الشباب الأول وحصولي على جائزة اقتناء في كل منهما، ومشاركتي في مسابقة تجميل مبنى وزارة التعليم العالي وحصولي على جائزة المركز الثاني على مستوى أعضاء هيئة التدريس كان لها الأثر الأكبر علي. وخلال مسيرتي كنت أميل إلى موضوعات التراث الشعبي والتراث الإسلامي عمومًا، أحب ما فيها من ألوان مشرقة نقية ومضامين فكرية تلامس خصوصيتنا وتعبق برائحة الأصالة التي تجسد قيمنا وهويتنا. كما أدركت أنه ليس ضروريًا أن تكون هناك مدرسة ومنهج متبع ليسير عليه الفنان، فما يهمنا اليوم هو الأسلوب المتفرد في تقديم الفنان لأعماله. والذي يبحث عنه الفنان حتى يجده من خلال الاجتهاد في الممارسة والتفاني في اختيار الموضوعات المميزة التي تحمل فكرة ومضمون عميق. وبالرغم أني أميل إلى الواقعية في اختيار مواضيعي أكثر من أي اتجاه آخر في أغلب أعمالي إلا أني أقدم التجريد في بعض منها.وخلصت من هذه التجارب جميعًا إلى أن الفن خبرة وأسلوب حياة؛ كلما تعمقت في فهمه أكثر زاد وعيك بما حولك من حقائق ومن جماليات، من التشكيل نتعلم الصبر وتكرار المحاولة والتطلع للأفضل، نتعلم كيف نتذوق الطبيعة من حولنا وأعمال زملائنا ونتقبل برحابة صدر ما يقولونه عنا. فاللون والخط والمساحات أبجديات أحاول أن أكتب بها معنى ومضمون لكل تلك الخبرات. وقت ضد التشكيل وتتابع الهزّاع حديثها عارضة ما قدمته من أعمال وكاشفة عن سبب ابتعاده عن الساحة مؤخرًا بقولها: قدمت عددًا من الأعمال التشكيلية التي أجدها تمثلني وراضية عنها خلال ما يقارب 13 معرضًا محليًا، كما أنه لدي عدد من الأعمال أعتبرها خاصة بي لم أشارك بها. إلا أنني غير راضية تمامًا عن ذلك، وأطمح في المزيد؛ حيث إن العمل الأكاديمي في مجال الفنون يأخذ نصيبه من الفكر والتنظيم الفني في داخلي، من مشروعات الطالبات ومحاور المحاضرة والتجريب معهن؛ جميعها بشكل أو بآخر تتسبب في قصوري عن الممارسة التشكيلية، كذلك البحث العلمي النظري يحتاج لوقت في القراءة بتركيز؛ إلا إني أتطلع لأجد فرصة للعودة للإنتاج من خلال المشروع المصاحب للدراسة. تجربة مع جمعية الثقافة وتنتقل الهزّاع بالحديث عن جمعية الثقافة والفنون من واقع إشرافها على معارضها الفنية، قائلة: دوري في الجمعية لا يقتصر على تنظيم المعارض فقط؛ بل في تقديم الورش أحيانًا، أو في تنظيم الدورات النسائية، نحن في الجمعية سواء في اللجنة النسائية سابقًا أو في لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي حاليًا نعمل على التخطيط والتنفيذ لعدد من الفعاليات والورش والدورات والأمسيات والمحاضرات، جميعها نعكف على مناقشتها واختيار الأفضل بما يتناسب مع معطيات المجتمع بشكل عام والمجتمع التشكيلي بوجه خاص، نصوغ الأهداف ونحدد الفئات المستهدفة ونعمل كفريق واحد لإنجاز ذلك كله. وقد ساهم دخول المرأة كعضوه عاملة في الجمعية إلى وصول صوتها بشكل مباشر فأصبحت هناك عدد من الفعاليات الخاصة بها وأتيحت الفرصة لحضور الأمسيات والمحاضرات. وحقيقة أجد أن هناك تطورًا نحو الأفضل فيما تقدمه الجمعية في فرعها الرئيسي بالرياض من حيث مواكبة الجديد والمعاصر، كان آخرها استضافة رسام الكارتون السعودي مالك نجر في أمسية لإلقاء الضوء على تجربته في صناعة الرسوم المتحركة، أيضًا بعدها قدمت الجمعية محاضرة عن المعارض الفنية الافتراضية للأستاذ عبدالرحمن العقيلي. ومثل هذه المواضيع تعتبر جديرة بالاهتمام. كما تقدم لجان الجمعية الأخرى مثل لجنة المسرح والتصوير الضوئي والتراث الشعبي عددًا من الفعاليات والمناشط المختلفة باختلاف مجالات الفنون. وتتابع الهزّاع حديثها عن الجمعية مضيفة: من خلال تجربتي هذه لمست تزايدًا في عدد المتابعين والمتابعات للجمعية وكذلك المهتمين بالاستفادة مما تقدمه؛ إلا أن الشريحة الأكبر منهم هم من جيل الشباب، قد نلوم ونعتب على ضعف تواصل بعض كبار الفنانين والفنانات مع الجمعية وقد نلتمس لهم العذر لانشغالهم بانجازاتهم التشكيلية الخاصة كجماعات أو مجموعات مستقلة. إلا أنه سيكون من دواعي الابتهاج التشكيلي أن يكون لهم مشاركتهم وحضورهم الفعال فيما تقدمه الجمعية. وحاليًا فتحنا المجال للحصول على عضوية الجمعية من خلال التسجيل الإلكتروني المباشر على موقع الجمعية برسوم رمزية 200 ريال تتيح للعضو الاستفادة من عدد من المميزات موضحة في استمارة التسجيل.