.ما نقلته بعض أجهزة الصحافة والإعلام مؤخراً عن فتح مجلس الشورى النقاش حول حق المرأة في القيادة وفتح مراكز للحصول على الرخص الدولية لقيادة السيارة استجابة لطلب موقّع من 128 مواطنا ومواطنة موجه إلى رئيس المجلس، هو أمر يقع ضمن صلب صلاحيات المجلس. فمجلس الشورى هو الممثل الشرعي للناس والمُعبر عن آمالهم وأمانيهم ويحقق تطلعاتهم المشروعة. ورغم إيماني بنجاعة تعرّض المجلس لقضايا الناس بفتح الباب أمام اقتراحاتهم ففي ذلك تفاعل مطلوب مع قضايا الناس ومشكلاتهم، فقد كنت أتمنّى أيضاً أن يثير المجلس أو المواطنون قضايا أخرى مهمة على المجلس مناقشتها، مثل الكوارث التي تعرضت لها مناطق متعددة من المملكة، وآخرها ما شهدته منطقة مكةالمكرمة من كوارث نتيجة للأمطار التي تكررت مجدداً خلال شهور قليلة وكشفت تهاوي البنية التحتية نتيجة لسوء تنفيذ المشاريع التي نفذت في المنطقة. والتوجه لجعل مجلس الشورى أداة فعالة للتنمية والتغير وحثه للعمل بكل طاقاته كان في قمة اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الذي أكد عليه – حفظه الله - في أول كلمة له أمام مجلس الشورى بعد مبايعته ملكًا حين حثّ أعضاء المجلس على القيام بدورهم المأمول، وتحمّل مسؤولياتهم وبذل الجهد، بما يتماشى ورغبات المجتمع من عمليات التطور المتدرجة والمعتدلة. وأكد المليك سعيه لتحقيق التنمية الشاملة متلمسين خير المواطن وسعادته وتوفير أسباب ذلك بالتعليم والعمل والسكن والعلاج ومكافحة الفقر مذكّرا - حفظه الله - بأننا لا نستطيع أن نبقى جامدين والعالم من حولنا يتغيّر. وقد نقل خادم الحرمين كلامه إلى المجلس إلى الواجهة العملية، ومنح المجلس وأعضاءه مزيدا من الصلاحيات حين استجاب إلى مبادرة مجلس الشورى التي أقترح فيها المجلس بعض تعديلات على نظامه كان من أبرزها تعديل مدلول المادة (23)، التي تقضي بإعطاء مجلس الشورى صلاحية النظر في اقتراح نظام جديد أو تعديل نظام قائم، دون حاجة إلى استئذان مسبق كانت الصياغة السابقة تنص عليه. وهكذا فإن مجلس الشورى يمثل ركيزة أساسية في العملية التطورية في البلاد في الشأن التخطيطي والتنظيمي والرقابي إضافة إلى تميّزه بحرية الرأي والموضوعية وغياب التكتلات والانتماءات وتغليب المصلحة العامة مما يوفر مناخ عمل في جو من التفاهم والاستيعاب. فالشورى في بلادنا، كما يقول رئيسه السابق الشيخ صالح بن حميد، في ورقة له في المؤتمر الأول للفكر العربي الذي عقد في القاهرة خلال الفترة 21 - 23 شعبان 1427ه، تحت عنوان «الشورى والديمقراطية رؤية عصرية وتجربة المملكة»، بمجلسها ونظامها برزت كإجراء مقنن في مبادئه ونظامه وقواعده يسهم بفاعلية من خلال أعضائه المتفرغين لدراسة متطلبات الوطن والدولة في الشأن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتنظيمي والرقابي ويلتمس هموم المواطن واحتياجاته من خلال المداولات والمحاورات واللجان المتخصصة. ومازلت عند رأيي الذي عرضته أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عند لقاء أعضاء مجلس الشورى به في الدورة الثانية له حفظه الله عندما كان ولياً للعهد في شهر رمضان عام 1418 ه ، ثم في أكثر من مقال ، وحديث ومحاضرة تحدثت فيها عن الشورى من ضرورة إدخال عدد من الإصلاحات على مجلس الشورى تصبّ في تدعيم دوره كجهاز يتمتع بصلاحيات تشريعية وسلطات رقابية. [email protected]