نعلم وتعلمون أن القروش صنفان أحدهما يعينك على الأكل والشرب والآخر يأكلك ويشرب دمك وبما أن الشريحة العظمى من المواطنين تفتقر للصنف الأول وتعيش حياة الكبد في طلبه كما تعيش حياة المكابدة في معترك الصنف الثاني الذي اشتهر بالتهام كل ما حوله حتى أصبح مضرباً للأمثال في هذا السلوك الافتراسي الشرس لذا سيكون حديثنا منصباً على واقع تلك الحالة التي نعيشها في مجتمع الفضيلة ومهبط الوحي وفيه تتمثل صورتها المشينة خير تمثيل حيث أصبح المواطن المغلوب على أمره ممثلاً في شريحته العظمى يعيش حالة المكابدة في معترك تلك القروش المفترسة التي تسيطر على مختلف منابع عيشه من غذاء وكساء ودواء وماء وهواء فالقروش التجارية أصبحت تتحكم في أسعار كل مادة مستهلكة فترفع أسعارها كما تشاء ومتى تشاء في ظل جموحها الكاسح وعدم قدرة الجهات ذات العلاقة على كبح جماحها من إشراف ومراقبة بل اتخذتها مظلة تحميها تحت شعارات أصبحت مستهلكة ومكشوفة ولكم أن تتصوروا تلك الفوضى التي تعيشها أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية وأثر ذلك على المواطن الذي لا يملك دفع الضرر عن نفسه الا بالدعاء بعد أن أعيته الوسائل وتقطعت به السبل. وفي جانب آخر نجد القروش الادارية تمارس الوان الفساد الاداري والمالي فنراها تبتلع ملايين من اموال المشاريع التي تدفعها الدولة بكل سخاء للوفاء بتلك المشاريع على أعلى المواصفات وأدقها لكن تلك القروش تمارس اساليبها الملتوية في التهام تلك الملايين تحت مظلة مقاولات الباطن التي تجعل اغلب تلك الاموال تذهب الى جيوب القروش والاقل منها يذهب الى ميدان المشروع نفسه وهذا ما يترتب عليه الكثير من نواتج الفشل في التنفيذ إما بسوء جودة او تأخير او تغيير. اما القروش الاكثر افتراساً وسطوة واتساعا فهي قروش العقار التي أصبحت تتحكم في أغلب المساحات العمرانية داخل هذا الوطن الكبير كما تتحكم في اسعاره حيث نراها تخالف النظرية الاقتصادية العالمية وهي التوازن بين حالات العرض والطلب سعرياً حيث نجد ان اسعار تلك الاراضي الممتدة بآلاف الكيلومترات بكل مدينة مرتفعة جداً في مقابل طلب ضئيل جداً يحكمه عدم المقدرة على توفير مثل تلك الاموال المحددة لكن تلك الاسعار تبقى مرتفعة كما يشاء قرشها لأنها محتكرة له ولعدد قليل مثله فنجد ان المواطن المغلوب على امره يقف عاجزاً عن شراء مثل تلك الاراضي المرتفعة السعر لذا نجد ان اكثر من 70% من المواطنين لا يمتلكون لأنفسهم منزلاً خاصاً في مقابل امتلاك بعض الافراد لآلاف الكيلومترات من تلك الاراضي. وبعد ذلك هل سنرى من يحمينا من نهم افتراس تلك القروش البشرية التي لا يهمها سوى الابتلاع وان يحد من افتراسها.. والله من وراء القصد. www.Dr-muhammed.net [email protected]