بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء على انفصال جنوب السودان فقد يواجه شمال البلاد -الذي يضم العاصمة الخرطوم ومعظم الصناعات وقرابة 80% من السكان البالغ عددهم 40 مليون نسمة- تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم لسنوات. وقال الاقتصادي حسن ساتي الذي عمل في وزارة المالية لأكثر من 10 سنوات: « أظن أننا نواجه أزمة اقتصادية خطيرة للغاية ربما هي الأطول في سنوات». وقد يحرم استفتاء التاسع من يناير كانون الثاني الشمال في نهاية المطاف من الوصول إلى الجزء الأكبر من الموارد النفطية للبلاد إذ يأتي نحو 75 % من انتاج السودان الذي يبلغ 500 ألف برميل يوميًا من النفط من آبار تقع في الجنوب. ويقدر المحللون أن حجم النقد الأجنبي الذي يقع تحت تصرف الخرطوم قد ينخفض في نهاية المطاف بين عشرة و13 بالمئة. وفي السنوات الأولى قد يكون التأثير الاقتصادي للانفصال محدودًا. ونظرًا لأن معظم النفط السوداني يكرر وينقل عبر الشمال يتوقع المحللون أن يبرم الشمال والجنوب اتفاقًا للتعاون النفطي من شأنه أن يخفف من وقع الضربة على الخرطوم خلال فترة انتقالية. لكن أيا كانت بنود الاتفاق فإن الاخفاقات السياسية ومواطن الضعف الهيكلية في الاقتصاد تجعل التوقعات قائمة. ومنذ توليها الحكم عام 1989 ركزت حكومة الرئيس عمر حسن البشير على استخراج النفط فيما بدأ التصدير عام 1999. وبالرغم من العقوبات التجارية الأمريكية المفروضة منذ 1997 شهد السودان طفرة اقتصادية أكبر بعد اتفاق السلام بين الشمال والجنوب الذي وقع عام 2005 لينهي أطول حرب أهلية في أفريقيا. وبلغ متوسط النمو السنوي نحو ثمانية في المئة مع ارتفاع أسعار النفط وتكالب المستثمرين الأجانب. وأمس الأول أعلنت الحكومة تدابير طارئة لمعالجة العجز في الميزانية فخفضت الدعم على المنتجات البترولية ورفعت أسعار السلع الرئيسية. وقال وزير المالية علي محمود: إن البرنامج سيوفر ملياري جنيه سوداني (669 مليون دولار) وأشار إلى احتمال خفض آخر للدعم في المستقبل. لكن قد يكون من المستحيل السيطرة على العجز دون خفض الانفاق بصورة مباشرة على الجهاز الحكومي المتضخم وأجهزة الأمن الكبيرة. وقال حمدي وآخرون: إن مثل هذه التخفيضات ستكون صعبة سياسيًا.