مع أن المكتبة السعودية حافلة إلى حد ما بكتب الرحلات، فإن الجيّد منها يعد على الأصابع، وفي المقدمة رحلات حمد الجاسر رحمه الله، ورحلات عبدالله المدني، ورحلات حمد الزيد. وقد تعرفت على رحلات الزيد بمشورة من الصديق سعد بن عايض العتيبي الذي دلّني على الكتاب وأوصاني بقراءته، والعتيبي قارئ جاد ينتقي الكتب الجيدة انتقاء عجيباً، ولا أذكر أنني ندمت على قراءة كتاب رشحه لي. يحمل كتاب الزيد عنوان " رحلاتي: جولات سياحية في 39بلداً حول العالم "، ويقع في مئتين وست وخمسين صفحة، وصدر عام 1425ه/2004م عن الدار العربية للعلوم ببيروت، ويضم انطباعاته وذكرياته عن رحلات إلى ستة عشر بلداً عربياً، وثلاثة وعشرين بلداً غير عربي، ويعود أقدم الرحلات إلى عام 1389ه(1969م)، وأحدثها إلى عام 1423ه (2002م). وإذا كنا قد نألف في العديد من كتب الرحلات اللغة الإعلامية والحديث عن "العلاقات التاريخية بين البلدين"، أو اللغة الإنشائية والنزوع إلى التراكيب التراثية، فإن الزيد قد تخلص من هذه النمطية في الكتابة، وكتب بعفوية وسلاسة وصدق غير متكلّف، ولم يجامل دولة زارها أو شعباً خالطه، وجاءت كتابته قريبة من النفس بما فيها من بوح وشفافية وتلقائية، مع روح أدبية غير مصنوعة تتناثر بين ثنايا كتاباته، وبخاصة أنه شاعر وكاتب. وربما كان ينقص الكتاب الصور، وبخاصة أنه يتحدث عن رحلات قديمة تعود إلى ما قبل أكثر من أربعين عاماً، ولو كانت موجودة لأضفت على الكتاب قيمة مضاعفة؛ ولعل المؤلف يستدرك ذلك في الطبعة الثانية. وفي سياق المقترحات فإنني أرى أن يكون الكتاب ثلاثة أقسام: الدول العربية، والدول الإسلامية، والدول الصديقة؛ لأن الرحلات جاءت في الكتاب مرتّبة حسب تواريخها، والقارئ ينتقل من دولة إلى أخرى دون تجانس بينها. وأخيراً: أجدني بعد الانتهاء من قراءة الكتاب أكثر تعطشاً وتطلعاً إلى رحلات أخرى بقلمه السيّال، وأظن أن عدداً من قراء الكتاب يشاركونني هذا الانطباع؛ لذا أطالب وبإلحاح أن يخرج كل ما لديه من رحلات في كتب جديدة، وليتها تكون مصحوبة بالصور . [email protected]