اختار الناقد الدكتور محمد نجيب العمامي أستاذ النقد العربي بكلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بجامعة القصيم أقصوصة «القلعة» لجمال الغيطاني نموذجًا لاستشراف العلاقة بين المنهج النقدي والنص السردي، وما يحدث بينهما من تقاطع أو تلاقي وفق المنهج المتبع، وذلك في الورقة التي قدمها بنادي القصيم الأدبي مساء الاثنين الماضي بعنوان “في العلاقة بين مناهج النص السردي”. حيث انطلق العمامي في الحديث عن ورقته من خلال مصادرة وسؤال، فأما المصادرة فذكر أنه ليس في وسع منهج نقدي واحد استنفاد كامل إمكانات قراءة النصّ السردي. وأما السؤال فهو ما هي العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين المناهج المقترحة لتحليل النصّ السرديّ؟، ثم خاض في الإجابة عن هذا السؤال من خلال سرده لتفاصيل أقصوصة «القلعة» للغيطاني، متخذًا إياها مثالاً تطبيقيًّا بتحليل جوانبها العديدة وفق منهج الناقد الفرنسي جيرار جونات الإنشائي، مبينًا أن هذا المنهج يقصر دراسة النص القصصي على دراسة الخطاب دون الحكاية كما أنه يقصر الخطاب على ثلاث مقولات أساسية تتلخص في الزمن والصيغة والصوت، وخلص الدكتور العمامي إلى أهمية منهج جونات في الكشف عن الآليات التي قام عليها إنشاء الأقصوصة، ثم بين التقارب الذي يحدث فيها من زاوية تداولية ركز على البعد الحجاجي في خطاب الشخصيات ثم في خطاب الراوي. والتي تركزت في الحوارات بين الشخصيات وبين الراوي والمروي له وبين الكاتب والقارئ. وختم بالإشارة إلى أن النص جدير بهذا الاسم، قابل لعديد القراءات، وأن مناهج التحليل تتكامل وتتضافر أكثر مما تتنافر وتتعارض. عقب ذلك قدم الدكتور مصطفى بكري السيد قراءة نقدية لورقة العمامي، تحدث فيها بإسهاب عن النقد والقصور الذي يحدث فيه وذكر أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وحتى وقتنا الحالي بدأ النقد العربي في التشكل في إطار مؤسسة أدبية جديدة وهو يعيش حالة من الانفتاح على التجربة النقدية الغربية. بعد ذلك تحول إلى الحديث عن نقد النقد الذي ذكر أن ليس بالأمر الهين أن يحدد تحديدًا دقيقًا وقدم له تعريفًا تقريبيًا. وأوضح بكري أن صاحب الرواية التي اختارها العمامي دائمًا ما تكون عناوين روايته لافتة جدًّا، كما أن مسمى الأقصوصة «القلعة» يعد عتبة من عتبات النص. منوهًا إلى أنه يجب ألا نحكم على العمل الأدبي بالمقاييس الأدبية وحدها، مشيرًا إلى أن الدكتور العمامي قرأ نص القلعة في ضوء المنتج النقدي للناقد الفرنسي جيرار جونات وذلك كان سببًا في أن تحقق القراءة مبتغاها.