يشكو كثير من المتابعين للإنشاد من مشكلة احتكار بعض الفضائيات لأسماء معينة ومعروفة من المنشدين، حيث تظل هذه الفضائيات تكرر ظهور هؤلاء المنشدين في الوقت الذي يعاني فيه رصفاؤهم الآخرين من التجاهل والنسيان. ويؤكد هؤلاء أن هذا التصرف من الخطورة بمكان حيث يتسبب في وأد الكفاءات والأصوات الشابة ويعرض مستقبل الإنشاد للخطر. فما هو الباعث لهذا الإجراء؟ هل هو لأن هؤلاء المنشدين استوفوا الشروط الفنية والأدبية التي تضعها هذه الفضائيات؟ أم أن الأمر ذو طابع تجاري فقط؟ وماذا على المنشدين الصاعدين أن يفعلوا لضمان وصول أصواتهم للجمهور؟ هذا ما نطالع الإجابة عليه بين سطور الاستطلاع التالي: تشفير المنشدين بداية يؤكد المدير التنفيذي لمؤسسة صدى القمة للإنتاج الإعلامي والتوزيع الأستاذ أيمن السلوداي أن أكبر المشكلات التي تواجه المنشد هي قلة دعم القنوات لهم حيث نجد أن أغلب الأصوات التي تتقدم لها تظل حبيسة الأدراج، ويقول: بعض المنشدين أصبحوا "مشفرين" مثل بعض القنوات المشفرة ولا يمكن الوصول لهم إلا بأصعب الطرق. هناك نسبة كبيرة من المنشدين في المدينة الواحدة نجد أن أصواتهم أجمل وأرق من المنشدين الذين عرفوا على مستوى الساحة، ولكن للأسف كثير من المنشدين لا يجدون الدعم "المعنوي" ونجدهم يقومون بعمل ألبومات من مالهم الخاص وتحمل القنوات جزءًا فقط من التكلفة. وطالب السلوداي القنوات المهتمة بالمجال الإنشادي أن تؤدي دورها في إبراز بقية المنشدين وألا ينصب جل تفكيرها واهتمامها على بعض المنشدين ويقتصر تفكيرها على فئة معينة من أجل المكاسب المادية، وقال: الإنشادي عمل رسالي وليس مجرد تجارة، فالمشكلة أن الساحة الإنشادية لم تعد مثل الماضي وبدأت تظهر فيها المشاحنات وكثرت المشاكل بين الجميع ومن المفترض أن يعود هذا المجال كما كان في الماضي بعيدا عن الحساسيات وعن تمييز منشد على حساب آخر دون أن تدخل الأمور المادية بين المنشدين. ويضيف السلوداي: إذا أردنا أن نجعل القنوات عامة لجميع المنشدين فمن الأفضل أن نبتعد عن احتكار القنوات لبعض المنشدين، فأكثر القنوات حاليًا تعتمد على حوالي عشرة منشدين أو أكثر بقليل والمنشدين كثر بالبلد ولكنهم لا يجدون حقهم كاملا فالمشكلة هنا تكمن في الاحتكارية. قناة لكل ذوق من جانبه يوضح المنشد المهندس محمد السيد أن معظم القنوات المهتمة بالمجال الإنشادي محتكرة على فئة معينة من المنشدين حيث تهتم هذه الفضائيات بالمنشد في المقام الأول وتعتبره أهم في كل شيء، بغض النظر إن كانت أناشيده مكررة، وكذلك لا يلتفتون للأناشيد سواء أكانت بإيقاع أو بدون، المهم عند هذه القنوات أن يكون الصوت والمظهر بالنسبة للجمهور مقبولين وينالا استحسانهم ورضاهم. ويضيف السيد: إن البعض يهتم بالأناشيد من حيث اللحن والكلمات ولا يهتم بالمنشد وكأن الأنشودة أهم ما في الموضوع وتكون ذو أهداف واضحة ومحددة. وهناك فئة أخرى من الناس تحب المنهجية ولا تقبل أن يكون الإنشاد بالإيقاع مثلا أو بالدف أو غيره. ويقول: لهذا السبب نرى كل مشاهد يميل للقناة التي تناسبه وكل منشد ينضم للقناة التي يرى أنها مناسبة له ولتوجهه، ويشارك فيها وعندما تجد القنوات أنها قد نجحت بهؤلاء المنشدين فإنها تقتصر عليهم "فقط" بسبب تميزهم وخوفا من أي إخفاق إذا فتحت المجال بالنسبة لآخرين، فلهذه الأسباب نرى نسبة فقط ممن يأخذون حقهم بالإعلام. وطالب السيد القائمين على هذه القنوات بأن يهتموا بالمنشدين الذين لم يأخذوا حقهم بهذا المجال ويكون ذلك باستضافتهم وعمل ملتقيات إنشادية ودعوة الجميع للمشاركة في هذه الملتقيات وأيضا فتح المجال أمام المنشدين الصاعدين وضمهم إلى المبدعين لكي يزدادوا خبرة، فهنا سنرى الجميع يأخذ حقه ويبرز من يستحق البروز وليس كما يحصل الآن. مجهود واضح من جانبه يؤكد المدير التنفيذي لقناة شدا الفضائية الأستاذ هلال القرشي أن لهم دورًا أساسيًا في إخراج المواهب الإنشادية الصاعدة، وقال: لعل قناة (شدا) قد أخرجت حتى اليوم أكثر من (100) منشد يجنون الآن ثمار شهرتهم ومنهم من يتربع على الهرم الإنشادي سواءً داخل السعودية أو خارجها. وأبان القرشي أنهم أثناء تنظيم المهرجانات يجمعوا بين الحسنيين وذلك بإتيانهم بنجوم لامعين وبارزين وكذلك صاعدين ليكون لدينا موازنة في الأمور وهذا ما تحقق في شدا الرياض وكذلك في شدا بريدة وفي كافة البرامج. اختلاف الأسباب أما المنشد فهد العويصي فقد بيَّن أن الاحتكار الذي يحدث من قبل بعض القنوات يعود سببه لجذب كمية كبيرة من المشاهدين لأن هناك قنوات كثيرة جديدة تم إطلاقها هذه الأيام، ويقول: عندما تحتكر هذه الفضائيات منشدًا معروفًا فإنها سوف تجذب المعجبين والمتابعين لهذا المنشد إضافة إلى الأمور التجارية التي يستفيد منها الطرفان. وأبان العويصي الأضرار السلبية لهذا الاحتكار قائلًا: هذا الأسلوب يضعف من متابعة الناس للقناة ويقلل من عدد المشاهدين لها لأنها بذلك لن تتطور بسبب العرض المتكرر لهذا المنشد، وهناك ضرر يمكن أن يلحق بالمنشدين الصاعدين الذين يريدون أن يبثوا إبداعاتهم على القنوات الاحتكارية وهم كثر ولله الحمد ولكن ينتظرون الدعم من أصحاب القنوات. واختتم العويصي بقوله: إن أردنا جعل أكثر المنشدين يشاركون عبر القنوات فعلينا إيجاد مندوبين مجتهدين يكونون حلقة وصل بين المنشد والقناة والبحث عن المبدعين من خلال قنوات الاتصال المتعددة مثل الفيس بوك وغيره.