ما أروع العدل والإنصاف، وما أسوأ الظلم والمماطلة وأكل حقوق الناس، إن ديننا العظيم أمرنا بالحق والعدل ونهانا عن الظلم، ولكن للأسف فإن بعض الناس أصبحت حياتهم وتصرفاتهم أبعد ما تكون عن الدين، ومما عمت به البلوى انتشار ظلم بعض الرجال للنساء بكل الطرق، وكأنهم لم يعلموا أن أفعالهم هذه تبعدهم عن الدين والمروءة والشهامة والرجولة. وهذه قضية امرأة من آلاف الضحايا اللاتي يظلمن ولا يجدن من ينصفهن في هذا البلد. أ.س سيدة سعودية مطلقة ولديها أبناء ربتهم بدموع عينيها بعد مشكلات مع زوجها الأول، ثم تزوجت من رجل آخر ليؤنس وحدتها بعد أن ذهب أبناؤها للعيش مع والدهم، وقد كان الأمل يحدوها أن تعيش معه حياة آمنة ومستقرة، وقبلت بكونه متزوجًا بأخرى ولم تلزمه بأي شيء فقط الحب والمؤانسة، وما لبث الخلاف أن دب بينهما وأصبح مستديمًا، وأصبح يعاملها أسوأ معاملة حتى صار البكاء والحزن والاكتئاب ملازمًا لها، وكان الزوج يعيش في شقتها ولا يصرف عليها وتحملت كل ذلك لأنها تريد الستر تحت ظل رجل يحميها في مجتمع لا يرحم المطلقة، ولسوء حظها أنجبت منه بعد خمسة أشهر طفلة مبتسرة مكثت في حضانة المستشفى عدة أشهر، ثم أخذتها الأم وكانت حالة الطفلة الصحية حرجة جدًا وتحتاج لعناية فائقة فتحملت الأم وحدها جميع شؤونها ومصروفاتها دون أي إحساس بالمسؤولية من الوالد، وكادا أن يفترقا عدة مرات ولكن في كل مرة كان الزوج يسترضيها فترضى وتؤثر الصبر بقضائها حتى لا تسمى مطلقة للمرة الثانية، ولم يصدر الأب لطفلته أي أوراق ثبوتية واستمر في عدم إنفاقه عليها وسوء معاملتها حتى إنه هددها وأبناءها بالقتل فصبرت، وقدر الله تعالى أن تحمل منه بطفل آخر فغضب منها، وقلب لها ظهر المجن، وبعد عدة أشهر هجرها رغم أن حملها كان صعبًا وصحتها متعبة جدا، ولما وضعت طفلها الثاني قدر الله أن يكون بحالة صحية غير جيدة فمكث بالمستشفى، وكان صبرها قد نفد ونفسيتها قد تحطمت وخجلت من كثرة الاستدانة من أقاربها، فقررت أن تجعل الوالد يتحمل مسؤوليته نحو ابنه فتركت المستشفى والطفل وخرجت وقلبها يتفطر ألمًا على فراق وليدها ولكن كان الأمل يحدوها أن يستكمل الأب أوراقه ثم سرعان ما يعيدهما لبيتهم، وبعد انتظار على أحر من الجمر -لأنه لا يرد على اتصالاتها - فوجئت به بعد فترة يطالبها باستلام ابنها من المستشفى، فوافقت بشرط أن يستخرج له ولأخته الأوراق الثبوتية وينفق عليهم ويستأجر لها سكنا مناسبا وأن يعدل في معاملتها مع زوجته الأولى، فرفض واستمر في هجرها، وبعد شهور طويلة من الانتظار والبكاء والقهر رفعت أمرها للقضاء وطلبت عشرة بالمعروف واستخراج أوراق ثبوتية لأبنائها والنفقة عليهم حتى تستطيع متابعة علاجهم وشراء احتياجاتهم الضرورية، فلم يحل القضاء مشكلتها وظلت القضية تؤجل من شهر لآخر رغم أن الأمر واضح إما أن يهيئ لها عيشًا كريمًا أو يسرحها سراحًا جميلًا، ولم تحصل من زوجها على شيء إلا الإهانات والشتائم وأمام المسؤولين والقضاة دون أن يحركوا ساكنًا. والآن ما يرعبها ويقض مضجعها هو ابنتها الصغيرة المريضة لو أصابها طارئ واحتاجت لمراجعة الطبيب فلن تقبلها المستشفيات وقد تموت الصغيرة - لا سمح الله - بين يدي أمها لأنها لا تملك لها أي أوراق ثبوتية والمسؤولون يتفرجون، وهي الآن تعيش تحت ضغط نفسي وعصبي كبير وهي حبيسة البلد، لا تستطيع حتى الخروج من المملكة للعلاج ولا لقضاء احتياجاتها الضرورية أو حتى للعمل. فإلى متى ستظل أ.س معذبة ومعلقة ولا تجد من ينصفها في بلدها؟ د. إيمان عبدالرحيم ميمني - جدة