عندما نقرأ بعض الافتراضات التي تقدّر (بلا القبيلة) قبل وقوعه، نتصور أننا على شفا جرف هار، فنتساءل ما الجديد الذي حول القبيلة من مكون رئيس وفاعل إيجابي في اللحمة الوطنية إلى عدو يهدد وحدة الوطن وسيادته ومستقبله، فلا نجد هذا النمط الخطر من القبائل إلا في الخيال، فلا قبائل جديدة شكلتها عصابات لا يضبطها قانون ولا تنتمي لمرجعية، ولا نجد أن قبيلة على مر تاريخ الوطن خططت للخروج على بيعتها ونكث عهدها، فهل شريط الرسائل الذي تسترزق من خلاله الفضائيات الشعبية هو السبب؟ أم ثلة من مراهقي القبائل الذين لا يرون القبيلة إلا كما ترى جماهير الكرة فرقها الرياضية هم السبب؟! إن كان الخطر الأول فإن الحل هو قص الشريط لا قص القبيلة، وإن كان الثاني فإن وجود الفرق الرياضية يمثل هو الآخر خطرا يتربص بوحدة الوطن ويهدد مستقبله، فالتعصب الرياضي ظاهرة أكثر وضوحا وانتشارا واكتساحا للمشهد الوطني حيث تغذيه المباريات والصحافة وتضمن استمرار الاحتدام جداول المباريات، والمتابع لأحداث التعصب الرياضي لا يستبعد حدوث مذابح لو اجتمع مراهقو الفرق في غرفة واحدة لمناقشة الفريق الأكثر شعبية، فهل تلغى الأندية وتعدل مسمياتها إلى منتخب 1، منتخب 2 .. .. حماية لوحدة الوطن؟! وربما رأى البعض أن التصويت للشعراء هو السبب، في حين يرجع التصويت في النهاية لمراهقي القبائل أيضا لا لرجالاتها المسؤولين ولا لشيوخها المعتبرين، ومع هذا أجزم بأن لو طرح التصويت للقبيلة والوطن ستصوت القبائل مجتمعة للوطن بدءا بمراهقيها رغم الملفات الخضر و(قياس). ولا أفهم لماذا يتضخم القلق من كيان القبيلة وأبنائها وهم أبناء الوطن الذين أثبتوا في كل المواقف أنهم لا يساومون على وطنهم، والذي يردده في كل حين بعض من انتابتهم (فوبيا) القبيلة وحمى برامج التصويت، في حين لا يكاد يتحدث أحد عن القلق الذي قد تشكله فئات أخرى لا تعتبر الهوية الوطنية إلا كرت عضوية نادي يتيح استخدام مرافق (النادي/الوطن) للسباحة وصيد السمك وعمل (مساج) ولو (دندنت طبلة الحراب) فروا تاركين الوطن خلف ظهورهم. إن لحمتنا الوطنية أشق من أن تفكك، وأعز من أن تهتك، والدليل الشاخص أن ما اجترحته برامج الشعر و(الهياط القبلي) في أعوام ثلاثة احترق سريعا بنيران أبناء الوطن الأبطال على حدنا الجنوبي خلال أيام، ودهسته دبابات جيشنا الباسل الذي كان سدا منيعا وخرسانة صهرها الصدق في أتون الفداء فذابت وشمخ الوطن، لحمتنا الوطنية لا تمسها الوساوس ولا ترقى لنجومها الشكوك، عندما يجد الجد يتبخر كل شيء ويبقى الوطن. [email protected]