مازلنا رغم كل ما يحيط بنا وينال منا نمارس نفس طقوس التبعية واللهاث خلف التفاهات وارتكاب الذنوب والخطايا وتبرير سقطاتنا وانحرافاتنا بأنها (موضة) وضرب من التمدن والتطوّر!!! ولاحول ولاقوة إلا بالله. إننا بارعون في التحدث عن مشاكلنا وهمومنا. ومدهشون في قدرتنا على تجاهل حقيقة أن الأمة العربية والإسلامية مستهدفة في كل شيء (في مقدراتها وفي أرضها وفي مقدساتها وفي بعدها الثقافي والحضاري). قدراتنا عظيمة في تقليد الغرب والتعامل معه كمجتمعات استهلاكية لكل ما يصدره من غث وسمين. واستعداداتنا كبيرة للتقليل من شأن التراث واللغة العربية رغم أهميتهما في المحافظة على الهوية العربية وعلى أصالة الأمة العربية. والمؤسف في حالنا يكمن في أن أحلامنا أقوى من واقعنا... فأحلامنا تحمل يقينًا بأن الأمة العربية وجدت لتمارس دورها الحضاري الذي يعتبر من أهم مبررات وجودها وسبيلها لبلوغ شأوها الحضاري وعزتها القومية، وابتعادها عن ممارسته يؤدي إلى تبعيتها، ومن ثم اضمحلالها. بينما يعيش واقعنا غيبوبة أنسته كل شيء غير أن يكون ذليلا أمام الأممالغربية التي صنعت من يقينها بنفسها مكانتها الحضارية التي تحتلها الآن . وأكثر ما نجيد في حياتنا تسمية الأشياء بغير أسمائها فنحن نسمي إهمال العقل توكلًا وإهمال العمل قدرًا، والكسل والخمول تأملًا والتخلّف عن التقدم الحضاري والعلمي زهدًا!!! ورغم أن الإسلام أراد للمسلمين أن يعيشوا أقوياء، إذ قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف” والقوة في عصرنا الحاضر هي قوة العلم والاقتصاد والتجمع والصناعة. إلا أننا أبعد ما نكون عما أراده لنا ديننا. ورغم أن الإسلام دعا إلى التكافل الاجتماعي إذ قال -صلى الله عليه وسلم-: “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به” إلا أننا غير مهتمين بذلك. كما دعا إلى الاتحاد، لأن في الاتحاد قوة، وفي التنازع الفشل والضياع، إذ قال الله تعالى: { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} ولكننا نهوى التفرّق والانقسام والتشتت والاختلاف!!! وبعد كل ذلك مازلنا نتساءل لماذا صار حال أمتنا إلى ما هو عليه اليوم؟! إن العيب فينا والقصور منا والتخاذل أصبح سمتنا! ولا علاج يرتجى لحالنا إلا إذا عدنا واحتكمنا إلى ديننا وأصالتنا، وأخضعنا ذاتنا وجميع شؤوننا لمنهج الله وشرعه. وقابلنا الخطة بالخطة، والمنهج بالمنهج، والعمل بالعمل. وتمسكنا بالأهداف والمبادئ. وبالهدف الأكبر الذي فيه إنقاذ الأمة العربية والإسلامية وهو هدف الوحدة». إن علينا المقارنة بين الإمكانات المتحققة في واقعنا الراهن، وبين الإمكانات الدفينة في أمتنا والتي على مدى انطلاقها وعمق تحققها يتوقف مصيرنا ويتعين مكاننا ودورنا في العالم. فبين واقع الأمة، وبين ما تصبو إليه من آمال وأهداف، بون شاسع لا يمكن معه تحقيق الأحلام إلا عندما يجعل كل واحد منا الإسلام والعروبة حبه. وعدّ تحقيق مصالحهما قدره المحبب إلى نفسه.