النمط السائد في الساحة التشكيلية أن يقدّم الفنانون أعمالهم ولوحاتهم للمتلقي عبر النوافذ المتاحة لهم، ولعل من أبرزها المعارض سواء كانت جماعية أو شخصية، لكن ليس من المعهود في الساحة التشكيلية أن تصحب أي تجربة يقدمها الفنان أو الفنانة كتاب يحكي قصة هذه التجربة، إلا في التجربة الجديدة التي قدمتها الفنانة الرائدة نوال مصلي التي لم تكتف بتقديم معرضها الشخصي “رحلتي عبر ربوع بلادي”، بل عمدت إلى توثيق هذه التجربة في كتاب حمل اسم المعرض نفسه، ليحمل المعرض والكتاب تجربة ثرية عبرت عن الطبيعة الخلابة والمتنوعة في المملكة العربية السعودية، وقد حظى المعرض بإقبال كبير بسبب ما تملكه الفنانة من حس فني وإبداع وتميز في التجارب .. حول هذه التجربة تحدثت مصلي ل”الأربعاء” قائلة: من وحي الريشة أقيم المعرض تحت مسمى “رحلتي عبر ربوع بلادي.. زادي ريشتي وألواني” بمناسبة صدور كتابي الفني التشكيلي ومضمونه الفكري يشمل نقاط عديدة، أهمها أن أبرزت بأسلوب معاصر إمكانية اللوحة الفنية للسرد القصصي “من وحي الريشة” وقد عبرت الريشة عمّا عبر عنه القلم، وأظهرت اللوحة الطبيعة الخلابة للمملكة بما وقر بوجداني. وقد أقمت معرضي ببيت التشكيليين والذي افتتحه الدكتور هشام بنجاوي وهو ملتقى الفنانين، وأرى أن عرض أعمالي ببيت التشكيليين يعد مكسبًا لي وفرصة لتقديم كتابي، وعرفانًا بمساندهم المعنوية لي خلال هذا المشوار وآرائهم التي عززت قناعتي بنهجي الفني والاستمرار بتجاربي ورؤية هذه الدراسة كاملة كما طرحتها بكتاب. وتضيف مصلي: هذا المعرض يعتبر البداية للتعريف بتجربة هذه الدراسة الفنية التشكيلية المعاصرة، وحاليًا أسعى للاهتمام بكتابي الذي يحتاج إلى مشوار يساوي المجهود الذي بذل في إنجازه. فمنذ بدايتي وأسلوبى اللوني كان ملفتًا على الساحة التشكيلية، فكانت البداية مرحلة اللون الأحمر ونجاحها، وما تلاها من تجارب أخرى عرفت بقيمة هذه الدراسة، وقد تناولها بالكتابة عدد من الأساتذة المتخصصين، وكان لذلك دور كبير في مسيرتي. تجربة غير مسبوقة وتنتقل مصلي بالحديث إلى كتاب “ربوع بلادي” والذي يوثق التجربة ومدى رضاها عنه قائلة: الحمد لله وفقت في تقديم الكتاب وما يحتويه أكبر من مجرد توثيق أعمال، ويعرف بأبرز الخطوط لهذا البحث، وأتمنى أن يصل بمضمونه إلى ما سعيت إليه. فهذا الكتاب يضم مشوار تجربة غير مسبوقة على الساحة المحلية، ولا أحد غيري قادر على توصيل هذه الدراسة بما تحتويه من فكر وهدف، لذلك عمدت إلى متابتها بنفسي، وقد لمست تقبلًا لهذا العمل وسط مجتمعي، فمنذ البداية كانت أعمالي محل إشادة، وكل مرحلة كانت معبرة عن المضمون لونًا وطرحًا مما ساهم في نجاحها، وقد استوعب الكثيرون مضمون هذه التجربة، أما الموضوع المتكامل للدراسة وما استجد بها من فكرة فهو أمر متشعب، وأجزاء هذا البحث هو موضع دراسة في حد ذاته. وأحمد الله أني لم أواجه أي عقبات في مشواري الفني بفضل الله؛ كما أن تفرغي الكامل أتاح لي فرصة للتأمل والتفكير لرؤية كانت راسخة في ذاكرتي. وكم أتمنى أن يتم تدريس تجربتي من خلال المدارس والجامعات، فهذه أمنيتي التي أرجو أن تتحقق، ليستفاد من هذه التجربة، فقد سعيت منذ بداية المشوار أن تكون لأعمالي خصوصية ونهج جديد يحتسب لي ويقدم جديدًا للساحة التشكيلية بإذن الله. رأي قاصر وتنفي مصلي أن يكون هناك من يحاول التقليل من تجربتها في سياق قولها: لا يمكن القول إن هناك من يقلل من أعمال أحد إلا أن القصور الفكري لبعض الأعمال من بعض شرائح المجتمع يتبعه قصور في إبداء الرأي على الرغم من وضوح الأعمال لنهجها وأسلوبها اللوني، وطوال هذا المشوار لم تفشل أي محطة من محطات هذه الرحلة بفضل الله تعالى وقد أشاد الكثير من الفنانين والأساتذة بذلك من المهتمين بالفن التشكيلي سواء على المستوى المحلي أو من الدول الشقيقة. وتختم مصلي حديثها بالإشارة إلى أن إقامة معرض شخصي بحاجة إلى مجهود كبير، وفكرة إقامته في مناطق أخرى بحاجة إلى مجهود أكبر. مؤكدة أن هذه الدراسة لها جوانب عديدة وتتواصل مراحلها مع رؤيتها في نفس السياق، مبينة أنها تعمل حاليًا على مضمون جديد، مع السعي إلى إيصال الكتاب إلى أكبر شريحة في المجتمع من المهتمين بالفن التشكيلي.