منذ بداية العقد الأخير الذي نهايته هذا العام، بدأت تظهر -في كثير من صحفنا المحلية- أقلام شابة ذات أسلوب حديث وجذاب. ولأنها ذات مستوى فكري مستقطب للشباب الذين يقرأون الصيغة الإلكترونية من صحفنا، نجدهم يتواصلون معهم بكثافة. ويشكلون لهم نوادي معجبين. وينتقلون معهم حيثما حلوا أو رحلوا من صحيفة إلى أخرى. وهذا شيء جميل. وفي الحقيقة أن الكاتب يكتب من أجل أن يعبر عمّا يهتم به قراؤه - سواء بالمعلومة الجديدة التي ينقلها إليهم، أو بتوصيل مطالبهم وآمالهم ورؤاهم إلى الجهات المعنية، سواء كانت حكومية، أو اجتماعية، أو تجارية، أو غير ذلك. هؤلاء القراء الإلكترونيون، على عكس قراء الصحف الورقية من حيث كثافة التواصل وسرعته. فقليلًَا جدًَا ما نجد أولئك الورقيين الذين يرغبون في التواصل أو يأبهون له. فمعظمهم يقرأ للكاتب، ويعجب بآرائه وكتاباته، وفي كثير من الأحيان يشعر أنه يمثله، ويعبر عن آرائه، ولكنه لا يجود عليه بكلمة استحسان، أو بتعليق، أو اعتراض، إلا نادرًَا. وبقدر فرحنا واحتفائنا بالكتّاب الحديثين إلا أن خيبة الأمل كبيرة في معظمهم، وذلك لعدم التفرّد في الشخصية. فنجد أن الغالبية العظمى منهم تكتب كتابة ساخرة ناقدة ذات أسلوب واحد مشاع، ومواضيع متماثلة، وكأنهم يكتبون بقلم “يوني بولو” واحد. هذه عملية استنساخ غير مبدع. فليست هذه الصورة الواحدة المتكررة هي ما نأمل من أجل إثراء صحافتنا باللغة الحديثة، والأفكار المعاصرة، والرؤى المستقبلية. وبعكس هذا تكمن إبداعات الكتاب المُجيدين، شبانًَا وكهولًَا. فترى أحدهم يكتب بقلم رصاص، وآخر بقلم سائل، وآخر بقلم جاف، وآخر بريشة مهذبة. وكثيرة هي الأقلام، وكثيرة هي الأساليب. إن صورة الوردة الندية، والشمس في الأصيل، وتكسر أمواج البحر على الصخور وضجيجها؛ كلها صور يحسها كل الناس. ولكن المبدعين الحقيقيين هم الذين يذهلوننا ويفاجئوننا بتفرد تعبيرهم عنها، وبحيوية وصفهم لها، وبرؤيتهم المخبوءة عنا. [email protected]