أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمس في أثينا أن مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية دخلت “أزمة صعبة” بعد قرار واشنطن العدول عن مطالبة إسرائيل بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية كشرط لاستئناف المفاوضات المباشرة. في حين قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن الرئيس محمود عباس تلقى خلال وجوده في العاصمة اليونانية أثينا رسالة من الجانب الأمريكي تتعلّق بالمفاوضات، وأوضح أبو ردينة في تصريحات نقلتها صحيفة “الأيام” المحلية أمس أن الرد الفلسطيني على الرسالة لن يكون قبل التشاور مع القيادة الفلسطينية والمجموعة العربية. وبيّن أنه في ضوء ذلك أجرى عباس اتّصالاً هاتفيًّا مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بحثا خلاله الرد الأمريكي، والتحرك الذي ستقوم به الجامعة العربية في هذا الاتجاه. من جهته، كشف مسؤول فلسطيني أن الرسالة الأمريكية تضمنت الدعوة لإرسال مبعوث فلسطيني منفرد إلى واشنطن للتباحث حول عملية السلام خلال الأيام المقبلة، وذكر المسؤول أنه من الواضح أن هذا التحرك الأمريكي يأتي عقب “الفشل” في مساعي إقناع إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني لفترة محدودة من أجل استئناف محادثات السلام. وأوضح أن الموقف الراهن “يستدعي من قِبل القيادة الفلسطينية إجراء دراسة حول خيارات المرحلة المقبلة، وبحث هذا الأمر من جوانبه المختلفة مع الأشقاء العرب قبل إجراء أي مشاورات ثنائية مع واشنطن”، وشدد على التمسّك بشرط وقف الاستيطان بشكل كامل كضرورة لاستئناف المفاوضات، وأن هذا الموقف الفلسطيني “لن يتغيّر”. فيما شكك ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أمس بقدرة الولاياتالمتحدة على تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقال لإذاعة (صوت فلسطين) تعقيبًا على توجه الإدارة الأمريكية للعودة إلى المفاوضات غير المباشرة “من لا يستطيع أن يقنع أو يجعل إسرائيل تتوقف عن الاستيطان لفترة محدودة من أجل إجراء مفاوضات جادّة.. كيف سيكون بمقدوره جعل إسرائيل تقبل بحل متوازن على أساس الشرعية الدولية.. حل الدولتين على قاعدة، أو انطلاقًا من حدود 67؟”. وكان دبلوماسي أمريكي بارز قد قال للصحفيين في القدس أمس الأول منهيًا أسابيع من الجهود الدبلوماسية الأمريكية المكثّفة “توصلنا لنتيجة هي أن الوقت غير ملائم لاستئناف المفاوضات المباشرة من خلال تجديد وقف الاستيطان”. ويمثل القرار انتكاسة كبيرة للسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي كان قد وجه نداءً شخصيًّا إلى إسرائيل لتمديد تجميدها المؤقت للبناء الاستيطاني. وفي واشنطن قال مسؤولون إن الولاياتالمتحدة تدرس عودة إلى المحادثات غير المباشرة في اعقاب فشلها في احياء المفاوضات المباشرة. وأضافوا إن أحد الاحتمالات التي سيجري دراستها مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين كبار من المتوقع أن يزوروا واشنطن -ربما في غضون الاسبوع المقبل- سيكون استئناف محادثات السلام غير المباشرة. وقال عبد ربه “من الواضح أن هذا إعلان عن فشل الجهود الأمريكية مع إسرائيل وأن الحكومة الإسرائيلية قد رفضت رفضًا تامًا أن تلتزم بالوقف ولو الجزئي للاستيطان والمؤقت في ذات الوقت”. وتابع قائلاً: “وهذه دلالة كبيرة أنه كان هناك إخفاق وهنالك تصميم من ناحية أخرى من قبل حكومة إسرائيل على تعطيل الجهود الدولية والأمريكية للسير في العملية السياسية إلى نهايتها المطلوبة”. واضاف “نحن استلمنا رسالة متأخرة يوم أمس والرسالة شفوية بهذا المضمون بأن الولاياتالمتحدة تريد إجراء مشاورات منفردة مع الجانب الفلسطيني، وستقوم كذلك بمشاورات منفردة مع الجانب الإسرائيلي حول كيفية السير إلى الأمام على قاعدة الدخول في بحث قضايا الوضع النهائي، وأن جهود الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بالوصول إلى ما سمّوه الوقف للاستيطان لفترة محدودة يتم خلالها بحث قضايا الحدود والأمن، هذه الجهود قد فشلت، وإسرائيل قد رفضت وعطلت”. ومضى قائلاً “هذا الامر سنبحثه في اطار القيادة الفلسطينية، وهذا التغير في السياسية الامريكية بالذات نتيجة التعنت والرفض الاسرائيلي سوف نأخذه في الحساب، وعلى اساسه سوف نقدر ما اذا كان بمقدور الولاياتالمتحدة بعد أن فشلت في جهودها ان تحقق نجاحًا في جهودها المقبلة”، وقال عبد ربه “لابد من التوجه الى الاطار الدولي الاوسع”، واضاف “نحن نستغرب ان الولاياتالمتحدة في الوقت الذي تعلن فيه فشل مساعيها مع هذه الحكومة الاسرائيلية لا تلجأ إلى إدانة سياسية الحكومة الاسرائيلية، بل تلجأ إلى التعبير عن عدم رضاها عن قيام دول أخرى مثل البرازيل والارجنتين إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 67. الذي أفشل المساعي ليس الارجنتين، ولا البرازيل، بل الذي أفشل المساعي موقف الحكومة الاسرائيلية”.