مدرسة « المدينة « التي أسسها على وعثمان حافظ رحمهما .. لم تكن مركز تدريب للصحفيين فحسب وإنما كانت جامعة تخرج منها الرعيل الأول من نجوم صحافتنا وتتلمذ فيها عدد كبير من الصحفيين الذين تقلبوا في بلاطها حتى وصلوا الى رأس الهرم الصحفي ، ناهيك عن المجموعات الأخرى التي ساهمت في العمل الإعلامي في بلادنا الحبيبة . ولن تذكر مدرسة المدينة للصحافة إلا ويرد اسم « محمد صلاح الدين « ببنط عريض وعلى ثمانية أعمدة كأستاذ جيل من الصحفيين الذين رعاهم وأخذ بيدهم ليكونوا رموزا للصحافة في بلادنا ، وأبناء مهنة محترفين كما ينبغي للمهنة أن تكون ، وكما كان « ابو عمرو « يتوسم فيهم ويعمل على أن يكونوا أيادي فاعلة في صحافة المملكة التي شهدت حقبات كثيرة من العمل الجاد الذي انتج صحافتنا التي نراها الآن . وأنا شخصيا أدين بالفضل بعد الله للأستاذ القدير « محمد صلاح الدين « ولتلميذه النجيب « هاشم عبده هاشم « الذي علمني « الف باء « الصحافة منذ أن كانت صفحات جرائدنا محدودة العدد الى أن أدخلت عليها التقنيات الحالية التي جعلتها ملونة وبعشرات الصفحات . ولا زلت أذكر ذلك الجهد الجهيد الذي استغرقته حتى وجدت اسمي على خبر حاز على مكان الخبر الأول « المانشيت « في إحدى سنوات التعلم التي قضيتها في مدرسة المدينة ، فلم يكن الأستاذ « صلاح الدين « كما كنا نناديه ليقبل بوضع اسم المحرر أو المندوب على عمل لا يرقى الى الصفحة الأولى وفي أية زاوية منها ، وقد كنت أكافح حتى تمكنت من ذلك وكان هذا بمثابة الشهادة التي نلتها كمنتسب للعمل الصحفي في فترة تختلف عن حاضرنا هذه الأيام حيث تزدحم صفحات جرائدنا بالأسماء في سهولة لم نكن بالغيها في زماننا الأول إلا بشق الأنفس . أستاذ الجيل محمد صلاح الدين له في عنق الصحافة في بلادنا دين كبير ، وله علينا بعد الله فضل كبير ولن نوفيه حقه بالكلمات والمقالات وإنما بالتكريم الذي يستحقه سواء من المدينة الجريدة أو أقسام الإعلام في جامعاتنا ، وكم أتمنى أن نقرأ مذكرات هذا « العلم « عن تطور صحافتنا وإعلامنا ، وأن يهب تلامذته الذين يحرص على تسميتهم ب « الزملاء « أن يهبوا لتدوين تلك المذكرات وإصدارها كتاريخ لم يكتب حتى الآن عن صحافتنا رغم ما نشره روادنا وفي مقدمتهم الأستاذ عثمان حافظ رحمه الله . واتمنى أخيرا ألا يدب النكران الذي عليه مجتمعنا الإعلامي والصحفي على وجه الخصوص الى هذا الرمز الكبير .