عندما يسجل التاريخ مآثر الرجالات.. لزاماً سيكتب في صفحاته تاريخ علم من الأعلام في هذا الوطن ذلك هو العلم (الدكتور محمد عبده يماني) الذي افتقده محبوه من أبناء المملكة وخارجها. عرفت أو عرفني «أبا ياسر» في أول اجتماع لنا به في عام 1398ه، عندما كان يرأس اجتماعات البرامج للإذاعة والتلفزيون إبان توليه حقيبة الإعلام يومها (كانت الساعة 11 صباحاً) فإذا به يشير علي بين الحاضرين «أخ سليمان» مبروك انضمامك إلى أسرة المذيعين.. أدركت حينها حصافة وفطنة هذا العلم مما يدل معه أنه كان يدير المذياع ليسمع المذيعين، كما كان يتابع أعماله الورقية وزيراً.. وأذكر يومها أن معالي د. عبدالعزيز خوجة.. والشيخ إبراهيم القدهي.. كل يحمل كتفاً ذات اليمين وذات الشمال عن كاهل الفقيد «أبا ياسر»، فالأول للشؤون الإعلامية والآخر للعمل الإداري.. وتوازن في الإدارة والإعلام، ولا يستغرب إعطاءه هذه الثقة فهو إداري وإعلامي محنك بعطائه وإثراء الساحة الفكرية بإبداعاته وقلمه ومشاركته المتنوعة. ومع بسمات الحب التي ينثرها أمام من يلتقيهم وهذا من أدب الحوار في الحياة ولا يستغرب من صاحب فكر وقلم. عرفت أو عرفني الفقيد الدكتور محمد عبده يماني، بكل أبعاد المعرفة، فكان موجهاً طيلة علاقتي به.. حتى وإن كان بعيداً عن الإعلام لكن يسأل عن التطوير والتحديث في فن الإلقاء، وكان يكفيه فخراً من هذا المشوار الطويل أن تاريخ الإذاعة السعودية يسجل بصمات الدكتور يماني «خصوصا.. إذاعة القرآن الكريم» ومتابعته الشخصية معي لقناة القرآن الكريم بصفته مشاهداً محباً لهذه البلاد، فيقترح وينادي بالأفكار المفيدة حتى عبر مشاركاته الصحافية وندواته الفكرية تلمس حرص على هذا الوطن وبناء فكره. عرفت الدكتور يماني محباً للخير رجلاً معطاءً له، باذلاً جاهه وماله على خطين متوازيين، فلا يقف معه محتاج إلا ودله على الخير وبذله إياه ولا مرفقاً ولا وزيراً إلا يحترم ورقته الصغيرة والكبيرة في معانيها، فيستحي حتى يحقق مطالبه، شاهدت ذلك بأم العين..! رحم الله الفقيد وأسكنه الفردوس الأعلى وجعل في أبنائه بركة الصالحين فصلاح الآباء يدرك الأبناء وإلى جنة الخلد أبا ياسر والحمد لله على قضائه وقدره.