انطلاقا من المكانة الهامة التي تحتلها تقانة المعلومات والاتصال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية في البلدان الغنية، تبرز ضرورة صياغة «خارطة طريق» لادماج تقانة المعلومات والاتصال في بلدان العالم الإسلامي وتمكين هذه البلدان في الانتفاع بالمزايا التي توفرها وتحفيزها بشكل خاص على التحرك بسرعة لردم الهوة الرقمية قبل فوات الأوان. ولا يكفي الانتفاع بمزايا تقانات المعلومات والاتصال التوفر على وسائل الاتصال “الهاتف والانترنت” فحسب، إنما يتطلب كذلك الانخراط، حسب الامكانيات، في جميع قطاعات تقانات المعلومات والاتصال الحيوية، والتي حددتها الاتفاقية الدولية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وتتناول الاستراتيجية التي وضعتها المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الايسيسكو) ضرورة تطوير تقانات المعلومات والاتصال بالتزامن مع تطور صناعة المعلومات في دولها الأعضاء، وذلك حتى يتفادى البلد المعني أن يتحول إلى مجرد مستهلك للمنتجات الآتية من البلدان المتقدمة. ومن شأن تطور صناعة المعلومات أن ينعكس إيجابيا بشكل مباشر وغير مباشر على النمو الاقتصادي للبلدان المستهدفة من حيث إنه يخلق مناصب شغل جديدة ويدر عائدات إضافية. من هذا المنطلق فإن إقامة البنى التحتية لتقانات المعلومات والاتصال وتأهيل الموارد البشرية والمادية يتطلب تكاليف ليست دوما في متناول البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة أو الضعيفة. وقد خلص الدليل المرجعي الذي أعده مركز بحوث التنمية الدولية لفائدة لجنة الأممالمتحدة المعنية بتسخير العلوم والتكنولوجيا لأغراض التنمية إلى أن “عدم أخذ المبادرة” قد يكلف هذه البلدان ثمنا أغلى ويعرضها لخطر تفاقم مشكلة الفقر ووراثة هوة رقمية أكثر عمقا سيكون تجاوزها أمرا أشد عسرا. لذلك فإن أي تأخر في ولوج تقانات المعلومات والاتصال وفي إعداد السكان لاستخدامها بطريقة صحيحة لا يمكن إلا أن يفوت على هؤلاء فرص التحرر والتطور. وإذا كانت صحيحا أن تقانات المعلومات والاتصال لوحدها لا يمكن أن تكون أساس تقدم الدول ، فهذا لا يعفيها من إدماجها وإلا وجدت نفسها مهمشة. وعليه فقد أوجبت (الايسيسكو) على الدول الأعضاء أن تأخذ بعين الاعتبار ضرورة توفير الحد الأدنى من التربية لفائدة السكان ومن التقدم في مجال العلوم والتقانات والبحث العلمي من أجل إنتاج البنيات الحاملة والناقلة للمعلومات، حيث إن بقاء العالم الإسلامي خارج دائرة التنافس على الابتكار سيجعله مجرد مستهلك لمنتجات الآخرين لا غير. لذلك يجب إحداث تغيير عميق في جزء من الأنشطة وإعداد السكان لهذا التغيير. حيث يتعلق الأمر بالتعليم عن بعد، والتجارة الالكترونية، وتقنية الاتصال الصوتي على بروتكول الانترنت، التي أصبحت تسحب البساط تدريجيا من تحت الهاتف التقليدي. كما يتعين إيلاء عناية خاصة لإنتاج محتويات معرفية تناسب العالم الإسلامي. وهو ما يؤكد أن الرهان المتعلق بتقانات المعلومات والاتصال وبمجتمع المعرفة ليس رهانا اقتصاديا فحسب، وإنما هو أيضا رهان اجتماعي وثقافي.