في رحلة الفن التشكيلي كان الوجه الإنساني هدفًا لرؤية الفنانين الإبداعية، ينقلونها من حيز المادة الملموس إلى المساحة الورق أو أي مادة أخرى يتخذونها مسرحًا لإبداعهم.. وبرع في ذلك فنّانون واشتهروا بها، ووجد هذا الضرب من الفنون العناية والحفاوة والتقدير، ومن مظاهر هذه الحفاوة المعرض الجماعي “بورتريه” الذي استضافه جاليري أثر جدة، وشارك فيه نخبة من أبرز الفنانين المهتمين بالرسم البورتريه بشكل غير تقليدي؛ ممثلين في: سبهان آدم، وآلاء أزد، وحنان باحمدان، وأسامة البعلبكي، وأيمن يسري، وأنور الرحبي، ورؤوف رفاعي، ونادية سيف الدين، وصديق واصل، وشوقي يوسف، وسعد بن محمد. حيث قدم كل فنان عددًا من الأعمال التي صوّر فيها الوجه برؤيته الخاصة. الوجه الحديدي وحول هذا الموضوع تحدث عدد من المشاركين بالمعرض، حيث يقول الفنان صديق واصل: عودنا جاليري أثر على الجديد والمميز في المعارض الفنية سواءً التي يقيمها داخل المملكة أو خارجها، وله توجه عالمي ويساهم في دعم وتشجيع الفنانين وإيصالهم إلى العالمية، بالإضافة إلى استقطاب فنانين عالميين وعرض أعمالهم بجدة من أجل تبادل الخبرات والثقافات ما بين الفنانين، ونقل الحركة التشكيلية السعودي إلى أجواء احترافية. والمعرض ضم نخبة من الفنانين المميزين من وجهة نظري، وقد قدمت عملًا واحدًا بالمعرض باستخدام الخامات المستهلكة بعنوان “الوجه الحديدي” ويعكس العمل تنوع الوجوه في الحياة العامة، واعدت الوجوه المهملة في قالب فني. انبعاث جديد أما الفنان سعد بن محمد فقال: هذه تمثل المشاركة الأولى بالنسبة لي في معرض فني وكان العمل بعنوان “بعث” وأقصد به أي انبعاث جديد من أي ناحية سواء سمعية أو بصرية او رائحة أو انبعاث شيء جديد، فالبعث موجود وفي كل مكان ومع كل الناس. واللوحة عبارة عن لوحة زيتية تم تحويلها بطريق الفن الرقمي إلى أن وصلت إلى 93 شكلًا كلها منبعثة من اللون الأساسي، وأعتقد أن هذا المعرض هو بداية لأن أقدم المزيد من الأعمال المقبلة بإذن الله. وتحدث محمد حافظ بقوله: حاولنا من خلال هذا المعرض اختيار عنوان مناسب وهو “البورتريه” وبشكل غير محدد، وفكرته أن كل إنسان داخله مشاعر مختلفة، وكل وجه فيه نوع من المشاعر والأحاسيس والمواقف. وقد حضر كوكبة من أبرز الفنانين في السعودية والعالم العربي من الذين لهم باع طويل في هذا المجال، وأعتقد أن المشاهد للأعمال سوف يتخيل شخصيته في كل لوحة من اللوحات، فالوجوه المعروضة تعبر عن حالات كثيرة، واللوحة تصل إلى المتلقي بشكل سريع، وقد شدني في المعرض أعمال الفنانة آلاء أزد، التي عبّرت عن ساعي البريد في تجربة فريدة، وكذلك الفنان صبحي آدم، وهو فنان عالمي من سوريا، وهذه هي المشاركة الأولى له في السعودية، رغم أن له اسمًا كبيرًا على مستوى العالم، وكذلك من الأعمال المميزة أعمال الفنان أيمن يسري، ولوحة صديق واصل، التي حملت عنوان “الوجوه الحديدية”، بالإضافة إلى عمل سعد بن محمد. قراءة في وجوه المعرض وتحدث المشرف على جاليري أثر حمزة صيرفي بقوله: الحقيقة أن المرآة تعكس صورة الإنسان دائمًا، وكل إنسان يرى الناس بعين طبعه وهذا هو المدخل إلى فكرة المعرض. ومن خلال هذا المعرض أحببنا أن نقدم للجمهور رؤى فنية وأن يرى الإنسان نفسه من خلال الأعمال المقدمة. وكل عمل مقدم يعبر عن انعكاس الشخصية داخل روح الفنان. وكثير من المتلقين عندما سمعوا عن اسم المعرض “بورتريه” اعتقدوا أن الأعمال مقدمة بشكل تقليدي، ولكن حاولنا أن تكون الأعمال المعروضة مقدمة بشكل مغاير، فالفنان شوقي يوسف يركز على مفهوم لحظة الإنسان دائمًا في حالتين الهدم والبناء، وترى أعماله قائمة على ذلك. وفي أعمال أرا أزاد نجد أنه يقدم البورتريه بشكل فريد فبعد الانتهاء من العمل يقوم بإرساله إلى عدة دول بدون أي تغليف بواسطة البريد ويهدف إلى غرس الثقة لدى المجتمع وكل الأعمال التي أرسلها إلى دول العالم وصلت، ونحن في انتظار عمله الذي سيرسله إلى السعودية قريبًا ونرى إمكانية وصوله أم لا، أما الفنانة حنان باحمدان فهي من أقوى من يرسم البورتريه الحديث، وجسدت حالات إنسانية بشكل مذهل يأخذ المتأمل حد الدهشة ثم يتركه معلقًا في التساؤل عن الوجوه. ويضيف الصيرفي عن اعمال صبحان آدم قائلًا: شخصياته للتأمل؛ وتحمل قيم جمالية، وكل أعماله تجسد فكرة أن الجمال داخلي، ويجب ألا نأخذ بالمظاهر، أما الفنان أنور الرحبي فهو يرسم النساء، وهناك لوحة قدمها عن والدته عبر من خلالها عن روح الأم والأمومة. كما يواصل الفنان أيمن يسري تألقه من خلال مجموعته التي اطلق عليها اسم “الترجمة”، وقدم عملًا آخر جسّد الألم الإنساني، وأعتقد أن بحثه عن الترجمة بحد ذاته قائم، من المفترض ان يغيرنا كمجتمع، وفي عمل صديق واصل لوحة “الوجه الحديدي” المكونة من علب الصفيح وهي علب المنتجات النفطية إشارة للمجتمع العالمي واستهلاكه للطاقة. أما اسامة بعلبكي فقد رسم لوحة للرجل الغامض وبنظرة بدائية للحياة. وقدمت نادية سيف وجوها غامضة تحمل عزفًا داخليًا يحثك على التأمل لمعزوفة موسيقية على البيانو. وأخيرًا قدم لنا سعد بن محمد عملًا يحمل جرأة من خلال البورتريه الشخصي وقدمه بطريقة عرض مصاحبة للموسيقى وعرض ضوئي ويؤكد من خلاله فكرة لحظة البعث وأنها حالة مستمرة.