عبدالله بن محمد غيلان، قارئٌ عذب الصوت، مميّز الأداء، يتغنّى بالقرآن في مساجد المدينةالمنورة، ويصدَح به في إذاعة القرآن الكريم، بقراءة قريبة إلى النفس، خالية من التكلف، واضحة المخارج.. التقته «المدينة».. فكان لنا معه هذا الحوار: ** ما رأيكم في رسالة المسجد في الماضي وفي الحاضر؟ المسجد من أهم معالم الإسلام، فهو مكان عبادة وساحة تجمّع للتآخي والتّواد والتراحم، المسجد يعلّم المسلمين الانتظام والوحدة، ويرفع المستوى الثقافي للأمة من خلال الاستماع للقرآن وقراءته بما فيه من تشريع وآداب وأخلاق، ومن المسجد تتخرج المدارس العلمية المختلفة، ومنه يتزود الإنسان لدنياه وآخرته، كما أنه رباط روحي بين العبد وخالقه. هذه كانت رسالة المسجد في الماضي، أما الآن فأصبح دور المسجد مقتصراً على أداء الصلاة فقط وليتنا نؤديها على أكمل وجه نسأل الله أن يصلح أحوالنا. ** ما الذي يمكن أن يقدمه المسجد؟ وما هي الأنشطة التي يقوم بها مسجدكم؟ يمكن للمسجد أن يقدم الكثير، مثل حلقات تحفيظ القرآن الكريم، والدروس العلمية بعد الفروض، والكلمات التوعوية بعد الصلاة، وتدارس أوضاع سكان الحي الواحد، كما يمكن أن يجتمع فيه أهل الحي الواحد في جلسة شهرية مثلاً للتعارف والتواصل. ** ما الطريقة التي تحبّذها في تحفيظ القرآن للناشئة؟ أولاً الالتحاق بحلقة من حلقات تحفيظ القرآن، والالتزام بوِرد يومي للحفظ وورد يومي للمراجعة ويكون بينهما نسبة وتناسب، بحيث لو زادت قدرة الطالب على الحفظ يزيد المقدار اليومي للمراجعة. ** أيّ مرحلة عمرية هي الأنسب لتحفيظ القرآن؟ وهل الأفضل حفظه تصاعديًّا أم تنازليًّا؟ العمر الأنسب لحفظ القرآن في نظري هو ما بين السابعة إلى الثانية عشرة. والأفضل حفظه تصاعديًّا. ** في كم سنة حفظت القرآن؟ وكم كان عمرك عند البدء؟ أتممت حفظ القرآن الكريم في ست سنوات، وبدأت حفظ القرآن وأنا في السادسة من عمري. ** وما هي طريقة الحفظ المثلى في رأيك؟ وما مقدار الحفظ اليومي المناسب؟ طريقة الحفظ أن يكون هناك درس ومراجعة، بحيث يُقرئ المعلم التلميذ الدرس الجديد ويصححه جيداً لتلميذه ثم يذهب التلميذ لحفظ الدرس، وأفضل طريقة للحفظ التكرار، وطريقة الحفظ الصحيحة أن يقرأ الطالب الدرس الجديد بعد تصحيحه على شيخه عشرين مرة نظراً، ثم يبدأ بحفظ الآية الأولى جيداً فيكررها إلى أن يحفظها ثم ينتقل إلى الآية التي بعدها، ثم يجمع الآيتين معاً وهكذا إلى أن ينتهي من بقية الدرس، وفي اليوم التالي يسمّع التلميذ الدرس بدون أي خطأ أو شك، وإذا أخطأ فإنه يراجع درسه من جديد لأن إتقان المرء لحفظه يعتمد اعتماداً كليًّا على حفظه الأول، وأنبّه على أن المراجعة مهمة جداً فالقرآن أشدّ تفلتاً من الإبل في عُقُلها. ** هل تلاحظون فرقاً في ذكاء الطفل حاضراً وماضياً؟ ومدى سرعة حفظه ونسيانه أيضاً؟ نعم، ففي الماضي كان همّ الطالب حفظه للقرآن ولا توجد ملهيات كما نرى الآن، ومن ثمّ كان الأطفال ينعمون بعقول نظيفة غير متخمة بالملهيات، أما الآن فكثرت الملهيات التي تخرب العقول –إلا من رحم ربُّك- والتي أثمرت ضعف الحفظ وشتات الفكر وقلة التحصيل. متى بدأتم في إمامة المساجد؟ وكيف تدربتم على الإمامة؟ بدأتُ في الإمامة عام 1413ه في مسجد الإمام ابن القيم رحمه الله بالحرة الشرقية إماماً للتراويح، وقد كان شيخي حفظه الله محمد النويرة يدرّبنا قبلها بسنتين على الإمامة في المسجد في صلاة التراويح والقيام. **ما نصيحتكم لمن يرغب في إمامة المصلين؟ وما الأخطاء التي يجب تجنبها؟ أولاً الإخلاص فهو طريق المسلم إلى القبول، وثانياً إتقان الحفظ والمراجعة طوال العام حتى لا يتفلّت الحفظ، بالمراجعة ويأتي وقت الصلاة وقد بُحّ صوته، ثمّ لا يثقل على المصلّين، وليحرص على تصوير المعاني من خلال قراءته للقرآن.