انطلقت جريدة “المدينة” من مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم المدينةالمنورة التي تشرّفت بخاتم النبوة صلى الله عليه وسلم، يوم أن هاجر إليها. وشرفها باقٍ إلى يوم الدِّين، ولها حرمتها وحرمها. وتبقى باسم المدينة، ومهتمّة بشأنها، وإن انتقلت إلى جدة لظروف التوزيع والاتّصال والمواصلات، وما تتمتع به مدينة جدة باعتبارها نقطة التقاء لكثير من المدن، واتصال بكثير أخرى محلية ودولية. وصحيفة المدينة حملت اسم المدينة تيمنًا، وجزى الله خيرًا أبناء حافظ -رحمهم الله تعالى- الذين أرسوا قواعد انطلاقها، صحيفة إخبارية فكرية تناسب وقتها، بل تسابق في الطرح للفكر النير المعتدل المستقيم، وأتذكر من الرعيل الأول من كتّابها في الزمن الذي عاصرته طفلاً ويافعًا أساتذة الأقلام فيها، وعلى رأسهم أستاذ الصحافة، المدرسة الصحفية، الذي له فضل القيادة والتعليم لكثير من منسوبي جريدة المدينة للمهنة، والبعض انطلق إلى صحف أخرى، وله فضل القدوة في كيفية الكتابة وأخلاقها الأستاذ الكبير الفاضل محمد صلاح الدين، وهو ماشاء الله لا قوة إلاّ بالله متألق متجدد -أدام الله عليه الصحة والعافية- ومن الكتّاب أتذكر الأستاذين الأخوين أحمد محمد جمال، وصالح محمد جمال -رحمهما الله تعالى- جميلي القلم حينما يخط الكلمات لتنشر، وأتذكر بكل احترام وتقدير أستاذ الخلق والأخلاق الذي عف لسانه طيلة حياته، وكان ملء فمه طيب الكلام، وحلاوة اللسان الذي تأدب مع الصغير والكبير، والفقير والغني، وصاحب الجاه، ومع من فَقَدَ الوجاهة في الدنيا كان احترامه لهم سواء حبيبنا رحمه الله تعالى، ورحم الوالد رحمة واسعة صديق عمره الشيخ المفضال عبدالعزيز ساب، صاحب زاوية همس وجهر، وليعذرني مَن لم أذكرهم من أصحاب الكلمة الصادقة من الأولين. وكم يسرنا ما وصلت إليه صحيفة المدينة من مكانه متقدمة مهنية تحصد الجوائز الواحدة تلو الأخرى، وما ذلك إلاّ بفريق العمل الذي يعمل بجد ومهنية، تحت قيادة رجل دمث الخلق الدكتور فهد آل عقران، ويشهد الله أني لا أنافق بقول دمث الخلق؛ لأنه يتمتع بذلك حتى يشهد له الكثير. وعلى قمة هرم جريدة المدينة الغراء هناك شخص يعمل ويفكر ويخطط بكل إخلاص ومحبة وتفانٍ ونزاهة ابن المدينة سليل الحسب والنسب، سليل بيت النبوة صلى الله على سيدنا محمد وسلم معالي الدكتور غازي عبيد مدني، الذي متعه الله بأخلاق وخلق يندر وجوده أدام الله عليه نعمة الصحة البدنية والفكرية. ومن جميل ما في المدينة وجود مؤرخ مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم ورجالاتها بتاريخهم أستاذنا الدكتور عاصم حمدان الذي ورث الإخلاص للمدينة وأهلها عن والده الشيخ الفاضل حمدان -رحمه الله تعالى- وبودي ذكر أغلب كتاب المدينة الحاليين، ولهم حق عليّ ولكن معرفة القارئ بهم تغني عن قولي، وعدم ذكرهم ليس نقصًا في حقهم وكلمتهم على صفحات المدينة أكبر معرّف لهم. وهمي بعد العودة للكتابة على صفحات المدينة أن أطرح ما يناسب القارئ الذي أكن له كل احترام وتقدير، وأن أحظى باحترامه وتواصله لأن الصحيفة ككل بدون القارئ ليس لها وجود، إلاّ على الاستندات فقط؛ لأن الوجود الحقيقي ما تمثله من حمل هم المجتمع، وكسب ثقته والطرح الجيد، وشعار المدينة يدلل على ذلك ألا وهو “صوتك قلمنا”. والصحافة في وطننا الغالي مكملة لبعضها البعض، وتنافسها تكاملي، وهذا ما يسبب النهضة للبلاد، والرقي للعباد، وفيها كتاب لهم التقدير والاحترام.. وسوف أكتب عن واحد تميز مؤخرًا بأسلوب حديث مطلوب في وقتنا الحالي، ولنا -إن شاء الله تعالى- موعد معه في مقال من المقالات قريبًا. وما اتّكالي إلاّ على الله، ولا أطلب أجرًَا من أحد سواه.