حطّت طائرة الشركة الفرنسية «إيغل أزور» في مطار بغداد؛ لنقل 36 جريحًا مسيحيًّا أُصيبوا في هجوم دامٍ استهدف كنيسة للسريان الكاثوليك في العاصمة العراقية قبل أسبوعين، بينما كان دبلوماسيون من السفارة الفرنسية يقومون بمساعدة الأب الدومينيكاني أميز جاجة بإحصاء الذين سيرافقون الجرحى، وعددهم 21 شخصًا، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي فرنسي في المطار قوله: إنه تم اختيار الجرحى تبعًا لخطورة إصابتهم، بالتنسيق بين السفارة الفرنسية ومطرانية السريان الكاثوليك في بغداد، وقال المطران جاجة: إنها عملية إنسانية طارئة، تندرج ضمن إطار التقاليد الفرنسية. وقد قُتل 44 مصليًّا، وكاهنان في 31 أكتوبر الماضي، عندما هاجم عدد من المسلحين كنيسة السريان الكاثوليك في حي الكرادة، وفجّروا سيارة قرب سوق الأوراق المالية المجاورة، قبل أن يقتحموا الكنيسة من عدة محاور. * * * قد يستغرب القارئ الكريم، عن هذه المعاملة الخاصة جدًّا التي تلقاها (36) من ضحايا الإرهاب المسيحيين دون غيرهم من الضحايا العراقيين المسلمين، الذين تطحنهم يوميًّا وبالمئات موجات الإرهاب الإجرامي، منذ سقوط صدام حسين، فلم يتم نقلهم بطائرات الحلفاء، ومن بينهم فرنسا، ولا حتى توفرت لهم أسباب العلاج داخل العراق المنكوب! كذلك لابد أن نلاحظ أن طارق عزيز (المسيحي) هو وحده من بين رجال العهد البائد المحكوم عليهم بالإعدام، الذي حظي باهتمام دولي غير مسبوق، حيث صدرت نداءات إنسانية لإنقاذه من الإعدام، من رؤساء الدول الغربية، وكبار مسؤوليها، وكان النداء الأبرز هو نداء بابا الفاتيكان الذي ناشد الحكومة العراقية عدم تنفيذ حكم الإعدام في طارق عزيز. حتى العراقيون المسيحيون الذين يرغبون في الهجرة إلى خارج بلادهم، يلقون من تشجيع ودعم الحكومات، والكنائس الغربية ما لا يحلم به العراقيون المسلمون! * * * في هذه المناسبة لابد أن نتذكر حملات التهجم والاتهام الغربية عامة، والأمريكية على وجه الخصوص، ضد هيئات البر، ومنظمات الإغاثة الإسلامية، التي ترعى الأقليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، ومطاردة نشاطاتها، ومحاكمة مسؤوليها ظلمًا وعدوانًا بعد تفجيرات 11 سبتمبر، وربطها بالمنظمات الإرهابية كالقاعدة، واتّهامها بتمويل الإرهاب، لكن ذلك كله لم ينطبق يومًا على التمويل الأمريكي الضخم لجرائم الاستيطان والحصار الإسرائيلية، ولا الجمعيات الصهيونية والمسيحية، التي تقوم بتمويل وتسليح حركات الانفصال في السودان والصومال، وحتى في العراق وأفغانستان.