هاهي بشائر عيد الأضحى المبارك قد اقتربت. ومع كل عيد تطفو على السطح مسألة أسعار الأضاحي، والتي لازالت في ارتفاع مضطرد وصعود غير مبرر على الإطلاق. وفي هذا العام جاء توقيت ارتفاع أسعار الشعير قبيل العيد ليزيد الأمر سوءًا، وبدأت صحفنا المحلية تنشر أسعارًا خيالية للأضاحي لم يعرف التاريخ مثيلًا لها. وفي خطوة تحسب لها، قامت وزارة التجارة بوضع مؤشر للأسعار، لكنه فيما يبدو مجرد تحصيل حاصل؛ إذا بلغت قيمة الأضحية في بعض المناطق مبلغا لا يتفق إطلاقا مع ذلك المؤشر. إن مثل هذه المسألة تتعلق بعبادة سنوية يقوم بها المسلمون تقربا لله عز وجل، والمفترض أن تتكاتف الجهود بوضع مؤشر محدد لقيمة الأضحية (حد أدنى وحد أعلى) ومن يتجاوز ذلك فإن العقوبة النظامية يفترض أن تكون له بالمرصاد، بوجود دوريات مراقبة تابعة للوزارة تتواجد بشكل دائم ويساندها عدد من رجال الأمن، لكن ذلك -مع بالغ الأسف- ليس واقعا. إن من المدهش أن تنخفض أسعار الشعير إلى مبالغ زهيدة، ومع ذلك لا يلاحظ المرء انخفاضا في الأسعار، في مفارقة عجيبة، فلا علاقة ظاهرة بين الاثنين فسواء بلغ كيس الشعير 12 ريالا أو فاق 50 ريالا فالأسعار لا تختلف كثيرا، وهو ما يعني نفي العلاقة، وأن المسألة مجرد طمع وجشع عند أصحاب المواشي. وبنظرة فاحصة لبعض الجمعيات التي تقوم بذبح الأضاحي نيابة عن المتبرعين بها نجد البون شاسعا، فلا وجه للمقارنة، فلك -على سبيل المثال- أن تذبح أضحية في السودان بأقل من نصف تكلفتها هنا، والنوعية واحدة، في شأن غريب يثبت لنا الانفلات المنتشر في أسواقنا بعامة، وفي الأضاحي بخاصة كونها حديث الساعة!. وبودي أن تقوم وزارة التجارة بدورها -ولو في هذه الأيام فقط- بضبط السوق وبث مؤشر الأسعار للأغنام المستوردة على الأقل حيث تعرف التكلفة يقينا؛ حتى يعلم المرء الذي ربما يزهد في هذه السنّة السعر فيتجه للشراء ويتبع سنة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. ويبدو جليا تذمر الكثير من الأسعار الحالية، الأمر الذي ربما يتسبب في عزوف البعض عن الأضحية، فبعض الأسعار تفوق راتب الموظف المبتدئ، وليس من المنطق أن يضحّي المسلم بأضحية تفوق قيمتها راتبه. وفي الوقت الذي صدرت فيه بعض الأوامر لتحديد قيمة كيس الشعير، فإن المرجو في المقابل وضع حد معين لأسعار الأضاحي لا يسمح بتجاوزها مطلقا، وكما أن العقاب يترتب على من يرفع قيمة الشعير فإن من المفترض تطبيق العقوبة ذاتها أو أشد على مالكي المواشي الذين تمكّن منهم الجشع وباتوا يغالون في الأسعار بشكل مهول. فهل نرى ضبطًا لهذا الانفلات في أسعار الأضاحي؟ وهل تعلن بعض العقوبات على من يرفعها بلا مبرر؟. [email protected]