هناك ثوابت لا بد أن تكون واضحة كل الوضوح، وهي أن دعم حلقات تحفيظ القرآن وتطويرها واجب كل مسلم، وهو أمر نتقرب به إلى الله عز وجل. وفي نفس الوقت طاعة ولي الأمر أيضاً واجبة، لاسيما وأنه يشرف على أمور العامة جميعاً، ويرى من موقعه ما لا يراه العامة، وهو أيضا مسؤول أمام الله عن أوضاعهم، وله أن يعمل ما يُبرئ ذمته أمام الله أولا ثم أمام خلقه. يجب علينا ألاّ نقف عند حد حفظ القرآن، بل نجتهد في حفظه ودراسته والتدبر في معانيه والاستفادة منه في الدنيا والآخرة، ونسعى للحوار بالقرآن مع الحضارات الأخرى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...) وهذا نهج؛ أمر الله بالأخذ به، وأخذ به خادم الحرمين الشريفين في أمور كثيرة منها مبادرته للحوار مع الحضارات. عندما يخرج علينا مثل توماس فريدمان ويصمنا بما ليس فينا، ويطرح علينا أسئلة في ديننا ولا يجيد الرد عليه كثير من الأسماء البارزة إعلامياً وثقافياً ودينياً، عندها ندرك أننا بحاجة إلى ترتيب أوضاعنا بشكل أفضل، فلا القول الأحادي يغني في هذه الحالة ولا الكتابات الإلكترونية تسمن من جوع. كم أتمنى من القائمين على حلقات تحفيظ القرآن أن يتقدموا بفكرة مشروع إنشاء كلية لعلوم القرآن ودراسة العقائد واللغات، وفق الأسس العلمية المنهجية، بهدف حفظ القرآن الكريم وتعلم علومه، سواء للناطقين باللغة العربية وغير العربية، بالإضافة إلى تعلم لغات تساعد على تبليغ الدعوة والحوار مع الحضارات الأخرى. لتخرج لنا جيلاً من الدعاة على مستوى الشيخ أحمد ديدات، فنحن في حاجة إلى الكيف مثل حاجتنا إلى الكم، وبهذا نكون جمعنا بين حفظ كتاب الله للناس كافة وتنظيم حلقات التحفيظ.