* فَقَدَت البلاد في اليومين الماضيين رمزًا من رموزها، وعالمًا من علمائها، وأحد رجالاتها الأوفياء المخلصين، الذين تفانوا في خدمتها في مجالات متعددة.. وكان له الدور البارز في نهضتها التعليمية والإعلامية والأكاديمية.. إنه معالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق، والعالِم متعدد المواهب.. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. * والفقيد تقلّب في عدد من الوظائف والمناصب الهامة في الدولة بين الأكاديمية والتعليمية والإعلامية، وساهم في النهوض بها نهضة مباركة تجلّت بالإخلاص والتفاني والتضحية، إذا ذُكرت شُكرت. * والفقيد من ذوي الصفات الطيبة، والتقوى، والاستقامة، والبر بوالديه، والإصلاح، والحدب على المحتاجين والفقراء، والوقوف إلى جانبهم، وتذليل الصعاب أمام مطالبهم الحياتية في أي جهة، وفي أي مرفق من مرافق الدولة، إضافة إلى ما يتمتع به من خُلق كريم، وتواضع جم، والسؤال الدائم عن أصدقائه وزملائه ومحبيه، وجيرانه ورفاق دربه، ومَن له صلة بوالديه وبرهم. * والفقيد كاتب ومفكر إسلامي صدر له أكثر من (35) مؤلفًا بعضها باللغة الإنجليزية، تناول خلالها مواضيع علمية ودينية وثقافية مختلفة.. رأس أكثر من مؤسسة وشركة تعنى بمجالات الثقافة والنشر، والصحة والعلوم، والتعليم، والتنمية الأدبية والخيرية.. ونال العديد من الأوسمة والدروع وشهادات التقدير من أهمها وشاح الملك عبدالعزيز، وأوسمة وبراءات من دول عربية وصديقة. * وأذكر أنني التقيته ذات مرة في منتجع الأستاذ الدكتور: سليمان مالكي في (الهدا) خلال فترة الصيف في جلسة أخوية مع مجموعة من أصدقائه ومحبيه من أهالي مكةالمكرمة وشخصياتها، وبعض أهالي الطائف.. وكان لطيفًا وودودًا في حديثه، وهي سمة من سمات العلماء والفضلاء، وصادف أن جاءه أحد المواطنين يطلبه قضاء حاجة لابنه في (الغربية) فقال له: تجيني في جدة يوم كذا، وأكد على سكرتيره بهذا الموعد.. وقد بلغني بعد ذلك أنه ذهب معه شخصيًّا، وقضى حاجته، وهذه واحدة من مواقف خيرية عديدة يتصف بها مع مَن يقصده في قضاء حاجة، أو مساعدة أو شكوى. * ورغم ما كان ينتابه -أحيانًا- من ظروف صحية فإنه لا يتوانى عن أفعال الخير سواء ما كان منها مكاتبة أو مهاتفة أو مواجهة أو إعانة.. تأسيًا بقول القائل: وخير مَن في الورى رجل تُقضى على يده للناس حاجات غير مبالٍ بأنه كان وزيرًا، أو شخصية غير عادية، فالسعي في سبيل الخير وفعله ديدنه المستديم مع أبناء جلدته. * رحم الله معالي د. محمد عبده يماني، فقد كان ثروة كبيرة تنبض بالخيرات والإخلاص والإنسانية على كافة الأصعدة، وبفقده تفقد البلاد علَمًا من أعلام الوطن، ورمزًا من رموز الخير والصلاح. (إنا لله وإنا إليه راجعون). ص. ب: 101 الطائف