أشرتُ في مقالة سابقة إلى موجة ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تجتاح الأسواق العالمية؛ ممّا يؤثّر سلبيًّا على أسعار بيع المنتج التام بالأسواق المحلية، ليس ذلك فحسب، بل إن تلك الموجة العاتية قد تتسبب في ندرة المواد الأولية، وخاصة الغذائية منها، وتكمن أسباب تلك الظاهرة في زيادة دخل الفرد، وارتفاع نسبة الطبقة الوسطى في كل من دولتي الصين والهند، واللتين تمثلان ما نسبته (36.66%) من إجمالي سكان العالم؛ ممّا أدّى إلى زيادة نسبة طلب تلك الفئة للمواد الغذائية، وباقي السلع الأخرى، ليس ذلك فحسب، بل يقف وراءها أيضًا العديد من الأسباب التي لا يتّسع المجال لسردها بهذا المقال. وقد تطرقتُ في مقالتي أيضًا بضرورة الشروع في إنشاء جمعيات تعاونية استهلاكية في المملكة العربية السعودية؛ لما أثبتته تجارب هذه الجمعيات من نجاح في العديد من الدول العربية الشقيقة، والدور الفعّال الذي تلعبه في توفير المواد الغذائية لمحدودي الدخل، وتشجيع المنافسة بين المنافذ التسويقية. إن التعاون بمفهومه العام هو شكل من أشكال التضامن الاجتماعي، يرتبط به مجموعة من الأفراد بمحض إرادتهم لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، ولذلك تعد جمعية أفراد، لا جمعية أموال، وترتكز على دعامتين أساسيتين هما أن تساعد ذاتك، وأن يساعد بعضنا البعض. والجمعيات التعاونية الاستهلاكية هي جمعيات شراء، وبيع، وتوزيع السلع الغذائية، وإعادة تعبئتها في عبوات اقتصادية لذوي الدخل المحدود، وتوزيع بعض السلع الأخرى مثل: الملابس، والمفروشات، والأدوات الكهربائية، يجتمع بها هؤلاء الأفراد لتوفير المواد الغذائية الأساسية بأسعار تنافسية، وتوزيع الربح المحقق من هذه العمليات على مساهميها. هناك أهداف اجتماعية، واقتصادية، وسياسية من تأسيس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية أهمها: • القضاء على الاحتكار، وظاهرة الغش في المواد الغذائية والاستهلاكية من خلال توفير مختلف الاحتياجات بالجودة والأسعار المناسبة. • المساهمة في تثبيت أسعار السلع والخدمات في القرى، إضافة إلى نزع فتيل البطالة من خلال تدريب المواطنين على أعمال الإدارة. • بث الألفة والترابط بين أهالي المنطقة. • أن تكون المعيار الأساسي للأسعار الذي يلجأ إليها المستهلك عند اضطراب الأسعار، وبإمكانها أن تلعب دور صانع السوق بالنسبة لتلك الأسعار. • تلعب دورًا هامًّا ومحوريًّا لحماية المستهلك. • تحقيق مفهوم خدمة المجتمع المحلي، نظرًا للدور الذي تقوم به في خدمة المجتمع. همسة: «شارل جيد» (أحد المختصين في المجال الاقتصادي) أشار إلى أن الجمعية التعاونية هي وسيلة لإنهاء المبارزة ما بين البائع والمشتري، بين القرض والمقترض، بين صاحب العمل وكاسب الأجر.. [email protected]